تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٢٧٢
كان الحدث متيقن الحدوث وفي الان الثاني كان مشكوك البقاء للشك في التقدير على ما تقدم في الفرد المردد، فلا قصور في أركان الاستصحاب فيستصحب الحدث ويحكم بعدم جواز الصلاة عن غير غسل، وقد يستشكل في استصحابه نظرا إلى أن الشك في بقائه مع القطع بانتفاء الأصغر مثلا مسبب عن الشك في حدوث الأكبر والأصل عدمه، فهو محكوم بهذا فلا وجه للتمسك به، وربما يجاب عنه بأنه مسبب عن الشك في حدوث الأصغر لا فيما ذكره، والحق إن احتمال البقاء ناشئ عن احتمال حدوث الأكبر واحتمال الانتفاء من احتمال حدوث الأصغر ولا وجه للرجوع إلى أصالة عدم حدوثهما، لمكان العلم بالخلاف أو عدم حدوث أحدهما بالخصوص لمعارضته بالمثل، فالاستصحاب هو المرجع في إبقاء كلي الحدث، فلا يحكم بصحة الصلاة إلا بعد الاتيان بالرافع القطعي وهو الغسل أيضا، فهذا الاشكال مدفوع بما تقدم إلا إن الراجح في النظر إن استصحاب هذا القسم من الكلي ساقط عن الاعتبار وإن تمت أركانه، فإنه معارض بمثله في طرف عدم الطبيعة، وتقريب إن عدم فساد الصلاة عمن يشك في ارتفاع حدثه بعد الوضوء لاحتمال الجنابة مثلا نقيض لفسادها عنه، وكما إن الحكم بالفساد أمر وضعه ورفعه بيد الشارع فكذا الحكم بعدمه، فنقيض الأثر والمجعول أثر لنقيض الموضوع ومجوز لاستصحابه، لأنا لا نعني من الأثر المعتبر إلا ما كان أمره بيد الشارع وضعا ورفعا ولو بالواسطة، فكل من وجود الحدث وعدمه مما قد رتب عليه الأثر وكما يجوز استصحابه بعد العلم إجمالا بواحد من الأصغر والأكبر، فكذا استصحاب عدمه غاية الامر إنه لما كان عدم الطبيعة يختلف مرتبة بقلة الافراد المضاف إليها وكثرتها، وكانت دائرة تحقق العدم إلى فردين أوسع منها إذا أضيف إلى فرد واحد، فكأن عدم الطبيعة المرددة للانطباق والتحقق في أحد الفردين كموضوع مركب يمكن إحراز بعض أجزائه بالوجدان وبعضه الاخر بالأصل، فبعد الوضوء مثلا يقطع بعدم الحدث من ناحية غير الجنابة، فيحرز مقدار من عدمه بالوجدان ويضم إليه عدمه من ناحية عدم الأكبر باستصحابه، فيتم الموضوع وحكمه عدم الفساد، ثم لا يخفى إنه إذا تحققت الطبيعة في الخارج في ضمن الافراد فهي متحدة معها وموجودة بوجودها ويكون المتحقق في كل فرد حصه من
(٢٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 267 268 269 270 271 272 273 274 275 276 277 ... » »»