لاستصحابه فإن المعلوم في المقام هو الفرد المردد، فمع ارتفاع أحد الفردين يختل أركان الاستصحاب فيه من حيث عدم تصور اتحاد القضيتين، ولكن نقول إيرادا على هذا الجواب إنه ما المراد من تنزيلهم هذا بمنزلة الفرد المردد، فإن كان مرادهم إن محذور جريان الاستصحاب في المقام بالنسبة إلى شخص المحل المردد بين الباقي والفاني مع قطع النظر عن كونه حيزا لزيد أو عمرو ومشتملا لهما، فيكون المحل حينئذ مرددا بين الباقي والزائل، فالتنظير والجواب عن هذه الشبهة يكون في محله، لان العنوان الجامع بين المحلين عنوان عرضي ولا أثر له، لكن الامر ليس كذلك بل الشك في بقاء المحل والمكان عين الشك في بقاء زيد المتمكن بخصوصيته فيه، نعم منشأ الشك في بقائه وهويته هو الشك في بقاء مكانه، فاستصحاب المحل إنما يكون من قبيل الاستصحاب الفرد المردد، وأما استصحاب الجامع بين الحال في ذلك المكان أو ذاك فهو من قبيل استصحاب الجامع الذي رتب عليه الأثر بنفسه، وقد تقدم إن وجه عدم جريان الاستصحاب في الفرد المردد في كثير من الموارد هو عدم الجامع موضوعا للأثر، وإلا فهو متعلق للعلم والشك دائما، فالوحدة بين قضيتين محفوظة مطلقا، ثم إنه مثل المقرر أمثلة ثلاثة في المقام وقال إنها من الكلي المردد بين ما هو قطعي البقاء والزوال ومع ذا لا يجوز استصحابه لان مورد استصحاب الكلي الكذائي ما إذا كان الكلي بهويته مرددا بين الزائل والباقي، وأما إذا لم يكن الشك والترديد في الهوية بل كان في أمر خارج كالمحل، كما إذا صار زيد في محل لو كان في طرفه الأيمن فالكلي باق قطعا لبقائه وإن كان في طرفه الأيسر فزائل قطعا لزواله وانهدامه، وكما إذا تنجس طرف من الثوب ثم غسل طرف منه على ما مر في الشبهة المتقدمة، وكما إذا ضاع درهم من دراهم فيها درهم زيد مثلا، فلا يكون المشكوك حينئذ من قبيل الكلي المردد بين الفردين الزائل والباقي لان الكلي الموجود في ضمن زيد معلوم بهويته وذاته ولم يتعلق الشك، وإنما الشك في الخصوصيات والعوارض الخارجة عن هويته وذاته وكذا الامر في المثالين الأخيرين، فهو وأمثاله خارج عن استصحاب الكلي المردد بين الفردين وداخل في مورد استصحاب الفرد المردد الذي قد تقدم عدم جريان الاستصحاب فيه، ونحن بعد النقض عما أجبنا به عن ذلك بالنسبة إلى المثال
(٢٨٢)