تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٢٤٨
من الغرض وعدمه، فكذلك الامر في الحكم بالطهارة والنجاسة لبعض ما لا يكون طاهرا أو قذرا بالحس في نظر العرف (وثانيها) إنهما من الأمور الواقعية في كثير مما يكون عند العرف نظيفا أو قذرا، وعن الأمور التنزيلية الادعائية في بعض الموارد، فهما حينئذ أمران جعليان بمثل الموت والحياة الجعليين، لا كالملكية وأمثالها، (وثالثها) إنهما أمران جعليان كالملكية فتحصلان بجعل الشارع وانشائه كان موضوع النجاسة مثلا مما يستقذره الطبع وينفر عنه، أو لم يكن، (ورابعهما) إنهما من الأمور المترتبة على التكليف المنتزعة عنه مثل سائر العناوين المنتزعة المتأخرة عن الأحكام التكليفية كعناوين البعث والتحريك المنتزعين عن الإرادة المبرزة المقتضية للانبعات والحركة، وبالجملة فالمقام لا يخلو عن أقوال ثلاثة أو احتمالات أربعة، فنقول مقدمة إنه لا إشكال في إن النظافة والقذارة من الأمور الحسية ويعبر عنهما بالفارسية (بتميزي وچركي)، ولا إشكال أيضا في إنهما على هذا تكون من الأمور الواقعية فيعبر عن الطهارة بالفارسية (بباكى) وعن القذارة (بچركى) كما إنه يعبر عن الطهارة بالنقاوة أيضا، فيقال حينئذ من الأمور الانتزاعية عن التكليف، لان الطاهر والقذر موضوعان له، فكيف يعقل تأخر عنوان الموضوع عن حكمه وترتيبه عليه، ولا من الأمور الاعتبارية الجعلية كالملكية وأمثالها، فإنه لا تحقق لها في الخارج ولا يمكن إدراكها بالحواس الظاهرية، مع إن الأمور الإضافية لا وعاء لها إلا الذهن، ولا يكون لها في الخارج حظ من الوجود، إلا باعتبار المنشأ، نعم ربما يدعى ثبوتهما لما ليس طاهرا أو قذرا في نظر العرف لملاك يوجب إلحاق الطاهر ظاهرا بالقذر الواقعي وبالعكس، ثم لا يخفى إنه ربما يعامل مع الطاهر الحسي معاملة القذر الحسي عند العرف، فإنهم يستقذرون أيدي المباشرين للكناسة والدلاكة وتغسيل الأموات، ولو كانت مغسولة بالصابون وسائر المنظفات ألف مرة، وربما ينعكس الامر عندهم، فإنهم يعدون أيدي المباشر لاصلاح العنب والشيرج والحلويات وأمثال ذلك طاهرة ونقية مع تلوثها بالكثافات والقذرات الحسية، وليس هذا منهم إلا بالادعاء وتنزيل غير المحسوس منزلة الحسي، فللنقاوة ونقيضها عند العرف فردان أحديهما حقيقي حسي، والاخر تنزيلي ادعائي، ولا يبعد
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»