(لا يجوز التصرف في مال الغير لاحد، أو يجوز ذلك التصرف في مالك، أو يجوز له التصرف، فإن المال المضاف موضوع للجواز والحرمة، ولا ريب في إن هذه الإضافة واقعة في الرتبة السابقة على التكليف ولا يمكن أن تكون متأخرة عن نفس هذا التكليف، وإلا لزم أخذ ما في الرتبة المتأخرة عن الموضوع في الموضوع، ولا من غيره المماثل له المجعول سابقا على هذا، وإلا فيلزم اجتماع المثلين، أو إنها عبارة عن إضافة نشأت وجاءت من قبل التكليف، فحينئذ تقع الإضافة في الرتبة المتأخرة عن التكليف وتكون معلولا له، بخلاف الأولى أي الإضافة الجعلية، وبعبارة أخرى بعد الفراغ عن إن الملكية عبارة عن إضافة خاصة، وبعد الجزم بأن من قبل التكليف ومن قبل الجعل أيضا تجئ إضافة، وإن الإضافة الأولى واقعة في الرتبة المتقدمة على التكليف وموضوع له، والإضافة الثانية واقعة في الرتبة المتأخرة عن التكليف ومعلول له، فهل الملكية من قبيل الإضافة المتأخرة عن التكليف حتى تكون منتزعة عنه، أو من قبيل القسم الاخر حتى لا تكون منتزعة، إذا تقرر ذلك فلا يخفى إن العلامة الأنصاري قدس سره قد مال إلى انتزاعية الملكية عن التكليف، وقال جمع بمجعوليتها بنفسها ومعلوم إن الملكية لو كانت عبارة عن تلك الإضافة المترتبة عن الحكم، لكان الشيخ محقا في المقام، وإلا فالحق مع القائل بالجعلية، ولا يبعد أن تكون عبارة عما تؤخذ في موضوع الاحكام فهي جعلية بحقيقتها لا انتزاعية كما قد يدعى، ولو قيل إن تلك الإضافة الحاصلة للمال المأخوذ في موضوع الاحكام مترتبة على حكم آخر، فلا يلزم تقدم الشئ على نفسه ولا يوجد وجه للقول بجعليتها بالأصالة، فيدفع بأن لازم هذا اجتماع المثلين في الموضوع الواحد، فالحق إن الملكية إضافة اعتبارية حاصلة بالجعل وانشائها كاختصاص الثوب والجسد بالعبد، والفرس بتعيين المالك، وهي مصححة لإضافة المال إلى المالك إضافة بالمعنى الذي هو اصطلاح النحويين موضوعا لحرمة التصرف أو جوازه فيه وعدم جواز إعطاء السفهاء أموالهم، ولولاها لما كان لهذه الإضافة وجه كما لا يخفى، ويظهر مما تقدم إن حقيقة الملكية إضافة خاصة اعتبارية بين المال والانسان لا مقولية، وإنه تحصل له إضافتان (أحديهما) بالانشاء والجعل المتقدم على الحكم التكليفي، والأخرى متأخرة عنه ناشئة من قبله، واختلف
(٢٥١)