تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٢٥٠
الأحكام التكليفية على ما تقدم منا، وببيان آخر ليس للطهارة إلا مصداق واحد حقيقي، ولكن للشارع أن يحكم بقذارة شئ ادعاء كما إن للعرف أيضا ذلك، ويمكن الاختلاف بين العرف والشرع، فربما يحكم الشارع بقذارة شئ لا يراه العرف قذرا، بل يرونه نظيفا فلو التفت العرف لما التفت إليه الشرع، لحكموا بقذارته، وربما يكون عكس ذلك، فما يراه العرف قذرا لا يراه الشرع كذلك، لالتفاته بما لم يلتفت إليه العرف، فالجعلي في المقام بهذا المعنى الذي قيل في الملكية، فإنها أمر جعلي قطعا وكانت اعتبارية محضا، ومن الأحكام الوضعية الملكية، فنقول لا إشكال في إن حقيقة الملكية عبارة عن إضافة خاصة بين المالك والمملوك هذا المقدار من المسلمات عند الكل، ولا يهمنا التعرض بأنهما من قبيل الإضافة أو الجدة، ولا إشكال أيضا في إن من قبل حكم الشارع بجواز التصرف للمالك وعدم جوازه للغير في المملوك تحصل أيضا أضافة أخرى يعبر عنهما بالسلطنة، وإن هذه الإضافة كانت منتزعة عن التكليف الذي كان أمر وضعه ورفعه بيد الشارع، ولا إشكال أيضا في إن هذه الإضافة الأخيرة واقعة في الرتبة المتأخرة عن التكليف، بحيث لولا التكليف لما كانت الإضافة متحققة، فهذه الإضافة ليست مستندة إلى الجعل الابتدائي، بل نشأت وجاءت من قبل الأمور الواقعية التي عبارة عن التكاليف، بخلاف الإضافة الأولى فإنها ناشئة من قبل الجعل بأن يقول الشارع أو المالك الصوري جعلته ملكا لفلان، فتحصل حينئذ نحو إضافة واختصاص، ثم لا يخفى إن لإضافة المال إلى الانسان مراتب ثلاثة، (أحديها) ما يعبر عنه بحق الاختصاص والحق، (والأخرى) ما يعبر عنه بالملكية ظاهرا، ولعلها هي الإضافة الأكيدة والبالغة إلى المرتبة الشديدة، وهذان القسمان يحصلان بالجعل والانشاء ويقعان موضوعا للأحكام، وأما (الثالثة) وهي التي يعبر عنها بالسلطنة الحاصلة من قبل الأحكام التكليفية، فهي متأخرة عنها ومتفرعة عليها كما لا يخفى، إذا عرفت ذلك فنقول إن الملكية إذا كانت عبارة عن الإضافة الخاصة فلا بد من ملاحظة إنها عبارة عن إضافة نشأت عن قبل الجعل سابقا عن التكليف وواقعة في الرتبة السابقة عليه، وهي التي بها تصح إضافة المال إلى المالك وإيقاعه مضافا موضوعا للحكم من الجواز وعدمه كما في قوله عليه السلام
(٢٥٠)
مفاتيح البحث: يوم عرفة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 246 247 248 249 250 251 252 253 254 255 ... » »»