تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٢٤٧
هذا من جهة ما ارتكز في الأذهان من كاشفية الامارة وكونها بمنزلة العلم عند العقلاء، لما كان لذلك وجه سيما عدم تأسيس جديد من الشرع بالنسبة إلى الطرق والامارة، ولما كان هذا التقديم مسلما من كل من أعمل الرأي واجتهد، وكاشفا عن كون الامارة منزلة منزلة العلم، فلا حاجة إلى جعل الحجية بالمعنى المختار (للكفاية) فإن التنزيل مورد للامضاء وبعده لا تمس الحاجة إلى جعل أمر آخر ينجز أو يعذر، فظهر من هذا المعنى المذكور في الكفاية وإن كان معقولا وقابلا للجعل بنفسه وبحقيقته، إلا إنه لا داعي إلى المسير إليه، وأما المعنى الثاني فهو على ما تقدم ليس جعليا ولا قابلا للالتزام به، فإنه مستلزم للتشبيه والتنزيل بلا وجه شبه وجامع يقتضي للتشبيه والتنزيل، وأما المعنى الثالث المختار فهو خال عن المحذور المذكور ومناسب لظاهر قوله عليه السلام (خذوا ما رووا) وقد لا تنقض اليقين، فتحصل إن الحجية إما عين الالزام بالفعل أو الترك طريقا إلى الواقع عند قيام الامارة أو انطباق الأصل، وأما منتزعة عنه، وأما المعنى الأول فهو وإن كان ممكنا ومعقولا، إلا إنه لا ينبغي أن يصار إليه إلا في صورة انتفاء تنزيل الامارة منزلة العلم شرعا، ومن الأحكام الوضعية الطهارة والنجاسة، وقد وقع النزاع في إنهما أمران واقعيا كشف عنهما الشارع أو تنزيليان ادعائيان في بعض الموارد دون بعض، أو أمران اعتباريان جعليان أو منتزعان عن التكليف، فالاحتمالات فيهما أربعة (أحدها) إنهما من الأمور الواقعية التي كشف عنهما الشارع في موارد خفائها على العرف، مثل المصالح والمفاسد المترتبة على بعض الأفعال التي يرون العرف فيها صلاحا أو فسادا، لكن الشارع كشف عنهما بالامر به أو النهي عنه أو بيان الاجتزاء ببعض الشئ أو عدمه عند تعذر كله، كما يرون العرف جزء الشئ ميسورا منه، ولكن الشارع لا يراه كذلك لبعده عن الغرض، وربما ينعكس الامر فيرى الشارع بعضه ميسورا منه بخلاف العرف لقربه إلى الغرض، وبالجملة فكما إن بعضا من الشئ ربما يكون وافيا بالمهم من الغرض منه ويبين الشارع جواز الاجتزاء به عند تعذر الكل وإن لم يكن ذلك البعض ميسورا منه عرفا، وربما لا يكون كذلك وإن كان ميسورا عرفا وعلى حال، فيكون جواز الاكتفاء وعدمه ببعض الشئ دون بعض كاشفا عن أمر واقعي هو الوفاء بالمهم
(٢٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 246 247 248 249 250 251 252 ... » »»