تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٢١٢
والتقييد، فلا يشمل الشئ حينئذ غيرها، فلا تجعل الطهارة إلا لما في الرتبة المتقدمة على الحكم والشك فيه، وليس هي إلا الطهارة الواقعية، وهذا هو السر في إنه لا يشمل دليل الحكم الواقعي لمورد الشك في نفسه، وإلا فلو صح تعقل موضوع الحكم الظاهري في مرتبة الموضوع الواقعي لكانت الأدلة بأسرها دالة على الحكمين لعدم المانع عن ثبوت الاطلاق الأحوالي لموضوعاتها، فلا يعم الشئ موضوع الطهارة الواقعية والظاهرية معا، هذا بالنسبة إلى المغيى، وأما بالنسبة إلى الغاية فهي وإن أمكن جعلها دليلا على الاستصحاب، إلا إنه يلزم منه خلاف الظهور في الاستمرار المفاد بلفظة (حتى)، فأنه ظاهر في الاستمرار الحقيقي لا التنزيلي الادعائي، فلو حمل الصدر على بيان الحكم الواقعي والغاية على بيان استمرار تلك الطهارة الواقعية ظاهرا، أو ادعاء لزم المحذور المذكور، وأما لو جعلت (حتى) غاية للطاهر المحمول لا لنفس الاستمرار فقط، وأخذنا بظهور الاستمرار في الحقيقي لا الادعائي، فحينئذ لا محيص عن حمل الطهارة المستمرة حقيقة إلى العلم بالخلاف على الطهارة الظاهرية، وبالملازمة لا بد من جعل الشئ كناية عما يرى في الرتبة المتأخرة عن الشك، فتصير هذه الرواية بتمامها دالة على الطهارة الظاهرية لمشكوك الطهارة مستمرة إلى العلم بالخلاف، وكذا تكون رواية الحلية دالة على قاعدة الحلية فقط، ولعل النكتة التي دعت جل العلماء إلى دعوى إن الأولى دليل على قاعدة الطهارة، والثانية على الحلية فقط، هو ما ذكرناه وقلناه، والحاصل إنه لو كان كل شئ لك حلال في مقام الانشاء وجعل الحلية بهذه العبارة، فإن لم تكن مسبوقة بعبارة أخرى تفيد جعلها، فلا يكون حينئذ له إطلاق بالنسبة إلى الحكم الواقعي والظاهري، لان الذات في الرتبة السابقة على جعل الحلية ترى متقدمة على الذات المتأخرة عنها، فلا يشمل الشئ بإطلاقه الذات التي متأخرة عن الحكم وموضوعه، وذلك لأنه يرى الشئ في الرتبة السابقة على الجعل فاقدا ونازعا عن الشك في حكمه، فلا يعقل أن يكون الفرد الذي تحمل عليه الحلية الظاهرية داخلا في الطبيعة العارية عن الحكم والشك، بل يرى خارجا عنها، فلا يتصور لها إطلاق وإن لم تكن مقيدة، بل تكون نتيجة التقييد أمرا متعقلا بالنسبة إليها، ولذا قيل إن الخطابات التي كانت متكفلة للحكم الواقعي لا تشمل حكم ظرف الشك، فتبين إن
(٢١٢)
مفاتيح البحث: الطهارة (8)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 207 208 209 210 211 212 213 214 215 216 217 ... » »»