والجري واحد، ولا شك إن ظرف نسبة المضي إما الحال أو الاستقبال، فيقتضي أن يكون ظرف جرى اليقين متحدا مع الشك، فالظاهر بقاء اليقين عند الشك واجتماعه معه، فيؤخذ به ويحكم بأن الرواية واردة لإفادة حكم يقين مجتمع مع الشك وهو الاستصحاب، هذا مضافا إلى إن التعليل المذكور هنا بلفظ واقع فيما يدل على الاستصحاب مسلما مؤيد ومرجح لاحتمال ارجاع الضمير إلى المتيقن تسامحا، وقد عرفت إنها على ذلك مفيدة للاستصحاب، ومن الاخبار مكاتبة علي بن محمد القاساني، قال كتب إليه وأنا بالمدينة عن اليوم الذي يشك فيه من رمضان هل يصام أم لا، فكتب عليه السلام اليقين لا يدخله الشك صم للرؤية وأفطر للرؤية، تقريب الاستدلال إنه مع قطع النظر عن قوله عليه السلام صم للرؤية وأفطر للرؤية، تفريعا على صدر الجواب، إن السائل عن يوم الشك في إنه هل من رمضان، قد أجابه الإمام عليه السلام بأن اليقين لا يدخله الشك، ولما كان نظير هذا الخبر واقعا في ذيل خبر الركعات المشتمل على لفظة لا ينقض الخ.
فبهذه القرينة وهي وحدة السياق نكشف عن إن المراد من هذه الفقرة بيان معنى واحد في الخبرين، وهو عدم جواز جعل الشك ناقضا لليقين، أي لا تنقض يقين رمضان إلا برؤية هلال شوال وبالعكس، فنقض اليقين بالنسبة إلى رمضان هو الافطار فأمر بعدم نقضه، ونقض اليقين بالنسبة إلى شعبان وهو الامساك بنية رمضان وعدم الافطار، فأمر بعدم نقضه، هذا مضافا إلى إن معنى الامر بالصوم للرؤية عقيب قوله عليه السلام: اليقين لا يدخل الشك، دال على إن المراد من هذا الصدر إفادة حجية الاستصحاب، فلا بأس بعد الخبر الشريف من أدلة الباب، فتأمل فيه فإنه لا يخلو عن إشكال، ومما استدل به على الاستصحاب أيضا قوله عليه السلام (كل شئ لك حلال حتى تعرف إنه حرام، وكل شئ لك طاهر حتى تعلم إنه قذر) ولسان كليهما لسان واحد، وتقريب الاستدلال إن كلا منهما متكفل للدلالة على الحكم الواقعي والظاهري للشئ بعنوانية، فالشئ طاهر واقعي بعنوانه الأولى، وطاهر ظاهري بعنوانه الثانوي، ولفظة حتى الخ متكفل لبيان الحكم الظاهري في الرتبة اللاحقة تعبدا، أي تستمر تلك الطهارة والحلية الواقعية في مورد الشك إلى أن تعلم بالقذارة والحرمة.
وبعبارة أخرى يستفاد من الروايتين إن كل شئ بعنوانه الأولى طاهر وحلال،