صدر الرواية لا يعقل أن يكون له إطلاق حتى يشمل مرتبة الحكم الواقعي والظاهري بناء على كونها واردة في مقام الانشاء الابتدائي، فإنه لا يكون للذات الواقعة موضوعا للحكم الواقعي عموم يشمل لما في الرتبة المتقدمة على الحكم وما في الرتبة المتأخرة عنه وعن الشك فيه، وكذا في لفظة (طاهرا) أيضا لا يعقل أن يكون إطلاق يشمل فردين طوليين بل ليس له إلا فرد واحد، فالامر يدور بين أن يراد من الشئ الذات في الرتبة اللاحقة عن الحكم والشك فيه الواقعة في الرتبة المتأخرة عن الحكم، فينطبق على القاعدة الظاهرية ويبقى الاستمرار المستفاد من لفظة (حتى) على ظهوره في الاستمرار الحقيقي، فإن غاية الاحكام الظاهرية هو العلم بالخلاف دون الواقعية، فإن غايتها إما النسخ أو أمر آخر غير العلم بالخلاف وبين أن يراد منه الذات في الرتبة السابقة عن الشك، وتحمل كلمة (طاهر)، أيضا على الذات في الرتبة السابقة، وعليه فالرواية دالة على القاعدة الاجتهادية، وحينئذ لابد من حمل الاستمرار المستفاد من لفظة (حتى) على الاستمرار التعبدي وبالعناية فينطبق الذيل على الاستصحاب.
لكنا نقول إنه إذا كان لفظة (طاهر) قابلا لان يحمل على الذات في الرتبة السابقة على الشك وعليها في الرتبة اللاحقة عنه، ولم يكن ظهور في أحدهما، لكن لفظة (حتى) له ظهور في الاستمرار الحقيقي، فينحصر مدلول الرواية حينئذ في القاعدة الظاهرية، ولا ينطبق على القاعدة الاجتهادية، ولا الاستصحاب، فعلم إن حمل الرواية على القاعدة لا من جهة الفرار عن لزوم اجتماع اللحاظين والنظرين بل من جهة عدم الاطلاق، إذ المفروض إن لفظة طاهر قابلة لحملها على الذات في الرتبة السابقة وما في الرتبة اللاحقة، لكن لما كان (حتى) ظاهرا في الاستمرار الحقيقي، فتكون الرواية منحصرة الدالة على القاعدة وحمل ما يستفاد من لفظة حتى على الاستمرار الظاهري، لتكون منطبقة على الاستصحاب بحسب الذيل، خلاف الظاهر، فينحصر حينئذ ظهور الرواية في القاعدة، ولذا حملها الأصحاب عليها وكذا الامر في نظيرها، وهي ما تدل على الطهارة المغياة بالعلم بالقذارة، هذا إذا كانتا واردتين في مقام الانشاء، وأما إذا وجد ما يصرف عن ظهورهما أو أحدهما في هذا المقام، كما إن الامر كذلك في رواية الحلية على ما سيأتي إن شاء الله تعالى، فلا مانع من حملها على العموم والحكاية عن الحلية