تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٢١٦
لمطلق المتيقن المشكوك موضوعا كان أو حكما كليا أو جزئيا تكليفيا أو وضعيا كان دليله اللفظ أو اللب مجال واسع، ولكان الحق مع الأخباريين القائلين بجواز الاستصحاب في الشبهات الموضوعية فقط، فإن غاية ما يتصور وجها للعموم هو إطلاق النهي عن نقض اليقين بالشك، وقد تقرر في محله إن وجود القدر المتيقن في مقام التخاطب مانع عنه، فلا إطلاق لشئ من هذه النواهي، إلا إنك قد عرفت دلالة رواية الخصال على الاستصحاب وظهورها فيه لا على قاعدة اليقين، وهي من حيث إنها واردة في مورد مخصوص وغير مقترنة بما يمنع عن عمومها لأي متيقن كان، فلا مانع من الاخذ بها في إثبات المدعى بنحو العموم، وحينئذ فيجعل سائر الأخبار مؤيدا لها كما إنه يجعل التعليل في البعض معاضدا لها، وكيف كان فالمهم هنا هو التعرض للتفصيل بين الشك في المقتضى وبين ما في الرافع وبين الأحكام الوضعية والتكليفية، فإن تفصيل الأخباريين يبقى بلا وجه بعد ما عرفت من العموم ولو في بعض الاخبار وكذا تفصيل الشيخ - ره - لا ثمرة فيه بناء على كون نظر العرف متبعا في تشخيص الموضوع ووحدته على ما تقدم مفصلا، والتكلم في التفصيل الأول مسبوق ببيان شأن المقتضى للأمور الحقيقية الخارجية وللأحكام والأمور المجعولة في الشرع، وقبل الشرع، ولا بأس بتمهيد مقدمة وهي إن المقتضى في الأمور الخارجية، تارة يكون مقتضيا لنفس الحدوث فقط ولا يكون له دخل في البقاء، بل البقاء يكون مستندا إلى أمر آخر كالاستعدادات الذاتية وغيرها، مثل وضع الحجر على الأرض ومثل البناء والبناء، فإن كلا منهما ولو كان علة محدثة للمجعول ولكن العلة المبقية هو الاستعداد الذاتي، فليست العلة لهما إلا باعتبار إعطاء الوجود فقط ولا تأثير لهما في الابقاء.
وأخرى تكون مؤثرة فيه حدوثا وبقاء ويدور المعلول مدارها وجودا وعدما، كالشمس والفيئ فإنه إذا زال الشمس يزول الفيئ أيضا، هذا بالنسبة إلى الأمور الخارجية، وأما في الشرعيات من الاحكام الجعلية التكليفية والوضعية، فتارة يكون المقتضى للجعل والتشريع وهو المصلحة الداعية إليه نفس الجعل دون المجعول، ولعل الامر كذلك في الأحكام الوضعية، فجعل الزوجية عقيب العقد وجعل الملكية عقيب الحيازة بقوله من حاز ملك، مستند إلى مصلحة في نفس الجعل والأسباب التي كانت
(٢١٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 211 212 213 214 215 216 217 218 219 220 221 ... » »»