في البين انما تكون من باب العلة المحدثة فقط لا المبقية، فإذا وجدت هذه الأسباب تحدث هذه الأمور أي الملكية والزوجية والإجارة وغيرها مما تحدث بأسبابها الخاصة عقيبها، ولكن البقاء مستند إلى الاستعدادات الذاتية، إلا أن يجئ رافع لهذه الاستعدادات من البيع أو الفسخ أو الموت مثلا، وإلا فنفس الجعل ليست إلا محدثة لا مبقية، وبعبارة أخرى إن الأسباب المجعولة علة الحدوث لهذه الأمور والبقاء مستند إلى الاستعدادات الذاتية، فإن الملكية وغيرها لما كانت من سنخ الإضافات التي تبقى على الفعلية ما دام بقاء طرفها عليها، فلا تنتفي إلا بانتفاء المالك أو المملوك أو كليهما أو بطرو ما يوجب اعتبار العدم من بيع أو إقالة أو فسخ أو موت أو انقضاء مدة في الإجارة وهكذا، فتبين إن الأحكام الوضعية مثل بعض الخارجيات مستندة إلى أسبابها الخاصة حدوثا لا بقاء، فلو شك فيما يزيلها فهو مستلزم للشك في الرافع لا في المقتضى، وأما الأحكام التكليفية فهي وإن كانت مما يتصور فيه انحصار الصلاح في أصل الجعل والتشريع فقط، إلا إنها في الأغلب تابعة للملاكات القائمة بمتعلقاتها ودائرة مدارها، فالمقتضى هو تلك الملاكات وهي كما إنها علة لحدوثها فكذلك لبقائها أيضا، والسر في ذلك إن الوجوب مثلا إنما يعتبر في مقام إبراز الإرادة، فجعل هذه الأحكام عبارة عن إبراز الإرادة إلى الخارج ولو كان الانشاء والإرادة آنيا، ولكن الحكم كان باقيا فالاضافات الاعتبارية في الوضعيات في عالم الاعتبار مثل الإضافات الخارجية، فالبقاء فيها مستند إلى الاستعداد الذاتي بخلاف الأحكام التكليفية، فإنها غير مرتبطة بعالم الإضافات بل الباب فيها باب كون العلة المحدثة مبقية، فلب الإرادة تابعة للمصلحة القائمة بالمتعلق فالمصلحة مقتضية للإرادة وإبرازها، فالعلة المحدثة فيها عين القلة المبقية فما دام المتعلق كان وافيا بالمصلحة تتعلق به الإرادة لو لم يكن في البين مزاحم، وإلا فلا تعلق لها بالعمل الخالي عن المصلحة، كما لا يخفى، فلو شك في دخل شئ في المأمور به من جهة وفائه بالمصلحة، فيكون من الشك في المقتضى لا في الرافع، فإذا كان الحكم منوطا بقيد، كما إذا أنيط مثلا وجوب الاكرام بعنوان العالم أو العادل، فظاهر هذا الخطاب إن أخذ هذا القيد في حيزه من باب دخله في المصلحة، ففي صورة الشك في القيد يشك في المقتضى للتكليف، كما إنه كذلك إذا كان
(٢١٧)