تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ٢١٩
إنه لا يبقى مجال للاستصحاب في هذه الموارد أيضا إلا في صورة الشك في النسخ، ولا يظن بأحد أن يقول بتطبيق لا تنقض اليقين بالشك على هذه الموارد، فينحصر الاستصحاب في الاحكام بمورد الشك في قيد لا يكون مقوما للحكم، بحيث لو انتفى بقى العمل خاليا عن المصلحة الملزمة، بل يكون له دخل فيه مثل الزمان أو الزماني، وكان الحكم على الدليل مهملا من هذه الجهة، ولا فرق في ذلك بين أن يكون الشك في الغاية أو المغيى، وإلا فلو كان له إطلاق لكنا نتمسك بإطلاق الدليل، وأما إذا كان القيد دخيلا في ملزمية المصلحة أو لم يعلم عدم دخله بهذا النحو من الدخالة، فالشك في القيد يقتضي الشك في المصلحة والمقتضى، فلا يتصور الشك في الرافع حتى يكون للاستصحاب مجال. وبالجملة فلا بد من ملاحظة إن حجية الاستصحاب في الاحكام منحصرة في اليقين بالمقتضى واستعداده للبقاء مع الشك في الرافع، أو عامة لهذا المورد وغيره من موارد الشك بعد اليقين، سواء أحرز المقتضى أم لا، ومن المعلوم إن القول بعدم حجية الاستصحاب عند الشك في الاحكام في صورة المقتضى مستلزم للقول بانحصار موارده في موارد لا يحتاج إلى الاستصحاب، وهي صورة إحراز المصلحة والغرض مع الشك في المزاحمات، وذلك لما تقدم من حكم العقل بلزوم تحصيل الغرض في هذه الموارد، فحيث إن جعل الاستصحاب فيها يعد من اللغو، وفي غيرها لا يتصور الشك في الرافع دون المقتضى، فلا بد من الالتزام بعدم حجية الاستصحاب في الاحكام رأسا، وهو كما ترى وبعد ما ذكرنا من معنى الاقتضاء، وإنه عبارة عن استعداد المستصحب أعم من الموضوعات والاحكام، مضافا إلى أن إحراز الاستعداد في الاحكام في غاية الاشكال، وتقدم إن منع حجية الاستصحاب عند الشك في المقتضى مستلزم لان لا يجوز الاخذ به عند الشك في الأحكام التكليفية مطلقا، إلا في موارد نادرة، مع إنه بعيد في الغاية، بالنظر إلى شدة الاهتمام في الاخبار بعدم جواز نقض اليقين بالشك بالسنة مختلفة، إن من المعلوم إن المراد من النهي الواقع في أخبار لا تنقض اليقين بالشك، ليس نهيا حقيقيا لان نقض اليقين لا يكون باختيار المكلف، فإن كان اليقين باقيا فباق، وإلا فلا، بل ماله إلى الامر بمعاملة البقاء وترتيب الأثر العملي عليه يعنى الأثر الذي كنت ترتبه على اليقين الفعلي رتبة عند
(٢١٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 214 215 216 217 218 219 220 221 222 223 224 ... » »»