تنقيح الأصول - تقرير بحث آقا ضياء ، للطباطبائي - الصفحة ١٧٢
أحد هذه القيود، فالشك في بقاء الحكم مستلزم للشك في بقاء الموضوع، ومعه لا يبقى مجال للاستصحاب إلا على بعض الوجوه الآتية، والحاصل إن تقسيم الاستصحاب قد يكون باعتبار الدليل على المستصحب، فإنه تارة يكون عقليا وأخرى نقليا لفظيا.
وثالثه لبيا كالاجماع، فدليل تعبد باليقين السابق يقتضي التفصيل بين الحكم الثابت بالدليل العقلي والنقلي، فحينئذ إذا دل الدليل اللفظي على إن الكذب حرام، ونحتمل أن تكون علة حرمة الكذب هي الضرر، ففي الان الأول لو كان اليقين بمضرية الكذب موجودا، ثم شك فيه فحينئذ للاستصحاب مجال لان الموضوع في لسان الدليل هو الكذب وهو باق، وأما إذا كان الموضوع في لسان الدليل هو الكذب الضار، فلا مجال للاستصحاب مع الشك في المضرية، إن قلنا بأن المدار في بقاء الموضوع هو ملاحظة لسان الدليل، وما أخذ في لسانه هو عنوان الضرر، كما إذا أخذ في لسان الدليل عنوان الكذب أو عنوان المسافر أو عنوان الحاضر، فللاستصحاب مجال ولو مع الشك في الضرر، وسنشير إلى أن المدار في بقاء الموضوع هل هو العقلي الدقي، أو العرفي المسامحي، أو ما أخذ في لسان الدليل، ولا يخفى إنه يعتبر القطع ببقاء الموضوع عند استصحاب الحكم جزئيا كان أو كليا، وقد وقع النزاع بين القوم في إنه هل يعتبر في اتحاد موضوع القضيتين عقلا ودقة، أو بحسب لسان الدليل أو الأنظار العرفية المسامحية، ونتعرض لبيان المدرك لهذه الوجوه مفصلا ونشير إليه هنا على وجه الاجمال، فنقول إن منشأ النزاع في ذلك هو إن لا تنقض اليقين بالشك مسوق لبيان حرمة النقض عند بقاء ما هو موضوع الحكم في لسان الدليل، حتى لا يفرق بين كون الحكم محرزا بالدليل النقلي أو العقلي، فإن أخذ في لسان الدليل بكلا قسميه عنوان الضار أعم من الكذب الضار، أو الصدق كذلك موضوعا للحرمة، فعند الشك في بقاء الضرر لا وجه للاستصحاب لعدم إحراز بقاء الموضوع، وإن لم يؤخذ عنوان الضار في لسان الدليل بل كان المأخوذ فيه هو ذات الكذب من دون مدخلية للضرر فيه، فعند الشك في الضرر لا بأس باستصحاب تلك الحرمة المعلومة، لأنه يكون الموضوع باقيا لعدم إحراز مدخلية هذا العنوان في موضوع الحرمة في الدليل، أو مسوق لبيان حرمة نقض اليقين بالشك عند بقاء الموضوع عقلا ودقة، فحينئذ احتمال دخل الضرر في
(١٧٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 167 168 169 170 171 172 173 174 175 176 177 ... » »»