إتيان الصلاة بالإعادة أو القضاء، فلا يمكن له إجراء استصحاب في صورة الشك التقديري، فهذه الثمرة بالنسبة إلى استصحاب الطهارة في الشك التقديري لا استصحاب الحدث، والثمرة الأخرى هي إنه لو اقتدى شخص بهذا المصلى الذي أحرز صحة صلاته بالطهارة المستصحبة على الشك التقديري، فإن قلنا بأن الطهارة الظاهرية للامام موضوع الحكم بالصحة الواقعية للمأموم، ففي هذا المقام إن قلنا بجريان الاستصحاب التقديري، فيكون الامام على الطهارة الظاهرية لو انكشف بعد إنه لم يكن متطهرا، ولكن حين الصلاة كان متطهرا ظاهرا، فتكون صلاة المأموم صحيحة، و ما لو قلنا بعدم جريانه، فلا وجه لجواز الاقتداء به والاكتفاء بالصلاة به جماعة، فإن المأموم لم يحرز الطهارة الظاهرية ولا الواقعية، فلا يكون حينئذ لصحة صلاة المأموم وجه، فقاعدة الاشتغال تقتضي إعادة الصلاة بالنسبة إلى الإمام والمأموم معا، ثم إنه وقعت في الاستصحاب تقسيمات، أحدها بلحاظ الدليل الدال على ثبوت المستصحب، قد يكون عقليا محضا لحكم العقل بوجوب ما أدرك حسنه، بناء على ثبوت الملازمة، وقد يكون شرعيا تعبديا نظير الخبر الواحد، وقد يكون شرعيا قطعيا كالخبر المتواتر أو المحفوف بالقرائن القطعية، وقد يكون لبيا كالاجماع، وثانيها بلحاظ المستصحب فإنه إما حكم تكليفي أو وضعي أو موضوع لأحدهما، وكل منهما إما كلي أو جزئي، وعلى التقادير فهو إما وجودي أو عدمي، وثالثها بلحاظ الشك فإن الشك تارة يكون في الرافع وأخرى في المقتضى، وعلى الأول فإما أن يشك في وجود الرافع أو رافعية الموجود، والظاهر أن لا ننقض يشمل جميع الصور، ولكن الشيخ العلامة الأنصاري (قده) يقول لا مجال للاستصحاب في الدليل العقلي، والتقريب الذي يقول في المقام ملخصه إن العقل لا يحكم بشئ إلا بعد إدراك تمام المناط لحكمه، الذي هو عبارة عن الدرك الفعلي والتصديق بحسن شئ أو قبحه، وهذا مقدمة لكشف حكم الشرع، للملازمة بين حكم العقل والشرع، فحكم العقل الفعلي متوقف على إحرازه لجميع ما كان دخيلا في مناطه من الحسن والقبح، ولا نعنى من الحسن إلا كون الشئ ملائما عند العقل، ومن القبح عدم الملائمة عنده، فعلى ذلك كل ما كان له دخل في المناط لابد أخذه في ملاك حكم العقل، ويكون بتبعيته داخلا في حكم الشرع، فلا يكاد ينتهي إلى الشك بفقدان
(١٧١)