إلا جهة إضافة الفعل إلى الفاعل بصدوره منه فمادة الابقاء وهيئته لم يستعمل إلا في معنى واحد هذا مما لا اشكال فيه وانما الاشكال والكلام في أنه هل يدل على لزوم اليقين السابق في الاستصحاب ومقوميته له مثل الشك الذي يكون مقوما له قطعا لكونه مأخوذا في الأصول العملية أم لا.
فنقول ان اليقين السابق غير مأخوذ في الاستصحاب موضوعا عند القدماء ولا في تعريفهم له، نعم يكون طريقا إلى احراز المتيقن حتى يحكم العقل بالملازمة بين الحدوث والبقاء، واما في الاستصحاب على مسلك التعبد الشرعي فهو معتبر طريقا أيضا بناء على توجه حرمة النقض إلى اليقين بما هو مرآة للمتيقن فلوحظ اليقين باللحاظ المرآتي مثل عنوان من في الصحن في قوله أكرم من في الصحن المجعول مرآة لزيد وعمرو وبكر وغيرهم فالقطع محرز للصغرى يعني ما تيقنت بحدوثه تعبد ببقائه فيكون اليقين حينئذ طريقا لا موضوعا نعم لو اخذ اليقين موضوعا لحرمة النقض وقيل بتوجه النقض إلى نفس اليقين لا المتيقن يكون اليقين السابق معتبرا في مورده ومقوما له، ولكن لا يخفى انه على هذا المسلك يكون النزاع في شمول الاستصحاب لموردي الشك في المقتضى والرافع لغوا فان اليقين لا مقتضى لبقائه في ظرف الشك فحينئذ لو لم يكن الاستصحاب حجة عند الشك في المقتضى لما كان حجة أصلا لانتفاء الشك في الرافع في جميع الموارد لان الرفع فرع البقاء وإذ لا مقتضى له فلا يشك في الرفع لان هذا النزاع منوط بتعلق النقض إلى المتيقن لأنه يكون حينئذ مجال للشك في أنه هل للمتيقن استعداد البقاء أم لا. ولا يصدق النقض إلا أن يكون له استعداد للبقاء يعني ان التفصيل بين الشك في المقتضى والرافع لا يعقل إلا ان يتعلق حرمة النقض بالمتيقن فعند الشك في أن المستصحب هل له استعداد البقاء أم لا يحكم بالتعبد ببقائه ولا يخفى انه على تقدير كونه عبارة عن حرمة نقض المتيقن لا مجال حينئذ لكون الاستصحاب حاكما على ساير الأصول فان حرمة نقض الحرمة المتيقنة لشئ يقتضي التعبد بها عند الشك كما في قوله (ع) كل شئ لك حلال الخ فإنه يقتضي حلية ظاهرية في ظرف الشك في حرمته فلا وجه لتقديم استصحاب الحرمة على قاعدة الحلية إلا بادعاء ان الغاية فيها هي معرفة الحرمة الأعم من الظاهرية والواقعية