فشك بعد في هذا الحد في الكرية فلا اشكال في أنه يستصحب الكرية وكذا الامر في عكس ذلك وهو ما إذا كان فيه ماء قليل أقل من الكر فصبت عليه مياه قليله مندرجة حتى بلغ ذلك الحد أيضا ولا اشكال حينئذ أيضا في استصحاب القلة في هذه الصورة عكس الصورة الأولى فينتهي الامر حينئذ في الحد المخصوص إلى الظن بالنقيضين وهو امر غير معقول ولو قيل بعدم جريان الاستصحاب في طرف دون اخر فيكون ترجيحا بلا مرجع مح ان القائلين بالاستصحاب لا يفرقون في جريانه بين الصورتين، وبتعبير اخر لما كان الظن الشخصي بالبقاء مستندا إلى حكم العقل بالملازمة بين حدوث الشئ كالكرية والقلة للماء وبقائه فلو فرض الاخذ من ماء يزيد على الكر بمقدار يشك في بقاء كريته بعده واصلا إلى خط يفرض في طرفه فيلزم ان يظن بكريته بمقتضى الملازمة ولو فرض قلته ثم صبت عليه مقدار من الماء ولكن معه لم يعلم بزوال قلته مع وصوله إلى ذلك الحظ المفروض فيلزم ان يظن بالقلة بمقتضى الملازمة أيضا ولازم ذلك هو الاعتقاد بالملازمة بين القلة والكثرة للماء الواصل إلى خط مفروض في أواسط الحوض مثلا وهو كما ترى، فمن قال بكون الاستصحاب هو الظن بالبقاء وأراد التفصي عن اشكال الظن بالنقيضين أو الاعتقاد بالملازمة بينهما فلا محيص له إلا ان يدعى الغفلة عن أحدهما حين الظن بالآخر أو يدعى اختلاف الزمان للظنين، واما من زيف هذا المسلك واختار كونه من التعبديات الشرعية وتمسك بالاخبار في الباب فهو غير محتاج إلى هذه الدعوى إذ لا محذور في التعبد بالنقيضين والبناء على ثبوتهما في آن واحد وان كان المراد من الظن هو الظن النوعي والشخصي فينتهي امر التعبد به حينئذ إلى الحكم الشرعي ولو امضاء فلا يكون من الاحكام العقلية الغير المستقلة وهذا مما يوهن القول بان الاستصحاب حجة من باب الظن وليس مدار الحجية في الاستصحاب بناء العقلاء أيضا على ما سيأتي وجهة إن شاء الله، فالتحقيق ان الاستصحاب ليس إلا تعبدا محضا فيصح تعريفه بأنه عبارة عن حرمة نقض اليقين بالشك والمراد من الحرمة ليس هي الحرمة التكليفية بل المراد منها عدم الرخصة في النقض حتى يعم المتيقن التكليفي والوضعي، ثم لا يخفى أيضا ان الاستصحاب الجاري في الموضوعات مما تسالموا على أنه من المسائل الفقهية وسيأتي
(١٦٤)