الوجوب من دون لزوم دور ومحذور آخر ولو كان لا ضرر ناظرا إلى نفي الاحكام ونافيا لها في غير صورة الاقدام على الضرر كما ذهب إليه جمع ممن تأخر للزم الالتزام بوجوب الغسل الضرري على المقدم على الجنابة عند علمه بضررية الغسل لصدق الاقدام على ما قربناه مع انك لا ترى أحدا يلتزم به وليس هذا إلا لما أبديناه من أن الاضرار بالنفس محرم بأدلة خاصة فإذا كان الغسل مضرا فتجتمع فيه مصلحة التطهير ومفسدة الاضرار فتزاحم الأولى بالثانية فلا يبقى ما يؤثر في الوجوب فعلا فلا يحكم بوجوبه ولا بجواز التقرب به لخلوة عن المصلحة الفعلية أيضا، فظهر مما تقدم ان ما ذكر فارقا بين صورتي الاقدام على المعاملة والموجب للغسل الضرريين غير فارق كما أن ما تسالموا عليه من كون الاقدام في الثاني دوريا على ما قرب دعوى بلا شاهد بل الدليل على خلافها على ما مر بقي في المقام امر ان، أحد هما في أن مدلول لا ضرر على تقدير حكومته هل هو نفي المنشأ للضرر الشخصي بنحو يكون انتفاء الحكم دائرا مداره في خصوصيات الموارد بالنسبة إلى الاشخاص فينتفي المنشأ للضرر بالنسبة إلى المتضرر دون غيره أو نفي الضرر اللازم في نوع الموارد ولثبوت الحكم ولو لم يلزم في بعضها بالنسبة إلى الاشخاص أو نفي الضرر النوعي الوارد على كثير من الافراد من ثبوت الحكم فينتفي عن العمل الضرري في حق النوع ولو لم يكن كذلك لبعض الأشخاص وعلى اي تقدير فهل يكون الضرر الشخصي في جزئيات الموارد أو في نوعها وكذا الضرر النوعي علة للنفي أو حكمة وجهان، ولا باس بذكر الفارق بين الحكمة والعلة قبل التعرض لمقام التصديق، فنقول ان ما يقتضي ثبوت الحكم أو نفيه عن موضوعه بلا واسطة أو مع الواسطة المساوية لذلك الشئ فهي علة للحكم نفيا واثباتا والحكم دائر مدارة ثبوتا وسقوطا. واما ما يقتضي ثبوته أو سقوطه بواسطة تأثيره فيما يقتضي ذلك سواء صدق عنوان ذي الواسطة فعلى مورد الثبوت أو السقوط أو لم يصدق وسواء كان ذلك المقتضى للثبوت بالواسطة متحققا في حق شخص واحد أو أكثر الافراد فهو حكمة، ولهذا قيل بعدم اعتبار الاطراد في الحكمة فإذا صار الضرر الشخصي على الواحد أو أكثر الافراد مؤثرا في مصلحة تقتضي نفى الحكم عن الجميع فهو حكمة وإذا صار بنفسه مؤثرا في النفي عن مورده
(١٥٩)