أقول ومما ذكرنا يظهر النظر فيما أفاده بقوله فالأولى إلخ لأن التعبير عن الاحتياط في العمل بالتوقف انما يحسن في خصوص الشبهة التحريمية لأنها هي التي يحسن فيها التوقف أعني السكون وعدم الحركة إلى الفعل دون غيرها كما لا يخفى.
وهنا أمور يجب التنبيه عليها أحدها ان التعارض ان وقع للحاكم في مدرك حكمه فهو يتخير أحد الخبرين ويحكم على طبقه لأن فصل الخصومة عمل القاضي فالتخيير له لا للمترافعين وان وقع للمفتي ففي عمل نفسه أيضا يختار أحدهما ويعمل على طبقه واما في عمل المقلد فهل يختار أحدهما أيضا أو يجب الإفتاء بالتخيير وجهان الأقوى الثاني لأن الأحكام الظاهرية كالواقعية مجعولة للمجتهدين والمقلدين وليس في أدلة الأحكام الظاهرية ما يظهر منه اختصاصها بالمجتهدين والقول بان العمل بأحد الخبرين عند التعارض أو بأقويهما ليس الا وظيفة للمستنبط ولا معنى لثبوت ما يتعلق بالاستنباط من الأحكام للعامي الغير القادر على الاستنباط مدفوع بان ما هو وظيفة المستنبط وفهم التعارض بين الخبرين وتساويهما أو كون أحدهما أقوى واما العمل على طبق الأقوى أو أحدهما فليس بشيء يختص بالمجتهد لأن هذا العمل ليس الا كالعمل بأصل الواقعيات الأولية التي يشترك فيها جميع العباد وان لم يكن للمقلد طريق إليها الا فهم مجتهده.
والحاصل ان الأحكام المتعلقة بالموضوعات سواء كانت واقعية أم ظاهرية حال المجتهد والمقلد بالنسبة إليها سواء والذي يختص بالمجتهد ولاحظ للمقلد فيه فهم تلك الأحكام وتشخيص مواردها من طريق النظر فلا تغفل