درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ٢ - الصفحة ٦٥٢
قيام الأمارة المخالفة مانعا عن فعلية ذلك الحكم لكون مصلحة سلوك هذه الأمارة غالبة على مصلحة الواقع فالحكم الواقعي فعلى في حق غير الظان بخلافه وشأني في حقه بمعنى وجود المقتضى لذلك الحكم لو لا الظن على خلافه والوجه الثاني ان لا يكون للأمارة القائمة ما على الواقعة تأثير في الفعل الذي تضمنت الأمارة حكمه ولا تحدث فيه مصلحة الا ان العمل على طبق تلك الأمارة والالتزام به في مقام العمل على انه هو الواقع وترتيب الآثار الشرعية المرتبة عليه واقعا يشتمل على مصلحة فأوجبه الشارع ومعنى إيجاب العمل على الأمارة وجوب تطبيق العمل عليها لا وجوب إيجاد العمل على طبقها إذا عرفت ذلك فنقول ان مقتضى السببية بالمعنى الأول انه إذا تعارض الخبران وعلم مطابقة أحدهما للواقع لم يكن للخبر المطابق تأثير أصلا لما عرفت في الوجه الأول من ان المانع من الحكم الواقعي انما هو الظن بالخلاف دون ما يكون مطابقا للواقع فالخبر الموافق لم يؤثر شيئا والمخالف صار سببا لانقلاب الحكم الواقعي فالواجب الأخذ بمؤدى إحدى الأمارتين في الواقع وهي الأمارة المخالفة للواقع دون ما هو مطابق له وحيث لم يتميز المخالف من الموافق يلزم التوقف والرجوع إلى مقتضى الأصل وهو يختلف بحسب المقامات لأن الخبرين ان كانا مثبتين للتكليف فان أمكن الاختيار يجب لأن مضمون أحدهما مجعول في حقه بمقتضى سببية الخبر المخالف للواقع والا فالتخيير وان لم يكونا مثبتين بل يكون أحدهما مثبتا والاخر نافيا فمقتضى الأصل البراءة لاحتمال كون النافي مخالفا للواقع وصار موجبا لانقلاب الواقع إلى مؤداه هذا في صورة العلم بمطابقة أحد الخبرين المتعارضين للواقع واما في صورة الجهل فالواقع لا يخلوا ما ان يكون كذلك فالحكم ما عرفت واما ان يكون كلاهما مخالفا للواقع فاللازم سقوط كليهما عن الأثر مثلا لو كان حكم الواقعة الإباحة فدل أحد الخبرين على الوجوب والاخر على
(٦٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 647 648 649 650 651 652 653 654 655 656 657 ... » »»