لما يشهد به القسامة أثر شرعي فتكون هذه الرواية واردة في مقام آداب المعاشرة ومحصل مفادها على ما ذكرنا انه إذا رأيت أو سمعت ولو من خمسين قسامة صدور قول أو فعل من أخيك لا ينبغي صدوره في مقام المعاشرة فلا ترتب الأثر على ذلك واجعل المعاملة بينك وبينه كما لم يصدر منه شيء واما الإجماع القولي فيظهر لمن تصفح فتاوى الفقهاء فإنهم لا يختلفون في ان قول مدعى الصحة مطابق للأصل والإجماع العملي يعرف من ان سيرة المسلمين في جميع الأعصار على حمل الأعمال على الصحيح وترتيب آثار الصحة في عباداتهم ومعاملاتهم وهذا واضح من دون سترة والظاهر بناء العقلاء على ذلك من دون اختصاص بالمسلمين ويستكشف رضاء الشرع بضميمة عدم الردع ويمكن ان يكون هذا أيضا مدركا للفتاوى لا انهم اطلعوا على ما لم نطلع عليه وكيف كان اعتبار أصالة الصحة في فعل الغير إجمالا أظهر من ان يحتاج إلى تكلف الاستدلال ولا يخفى ان بناء العقلاء والسيرة المستمرة على ان المحمول عليه هو الصحة الواقعية دون الصحة عند الفاعل وهذا واضح عند من نظر إلى حالهم في المعاملات والعبادات ولكن الحمل على الصحة الواقعية في بعض الصور مشكل وتفصيل الصور ان الشاك في الفعل الصادر من غيره اما ان يعلم يعلم الفاعل بصحيح الفعل وفاسدة واقعا واما ان يعلم بجهله بذلك واما ان لا يعلم حاله أصلا والصورة الثانية على أقسام لأنه اما ان يعلم باستناد جهله إلى خطائه في الاجتهاد المعذور فيه أو التقليد كذلك واما ان يعلم بكونه عن تقصير واما ان يجهل ذلك وحيث انه ليس في البين دليل لفظي ينظر فيه من حيث العموم والإطلاق فلا بد من ان يؤخذ بالمقدار المتيقن من السيرة ولا إشكال في تحققها في الصورة الأولى والظاهر تحققها في الصورة الأخيرة أيضا
(٦٠٩)