ثم ان ما قلنا من انه لا بد ان يكون لليقين عمل ليس المراد كون ذلك العمل متعلقا للتكليف الشرعي مستقلا بل المراد أعم منه ومن ان يكون له دخل وربط بالموضوع المتعلق للحكم بنحو من أنحاء الربط كالقيد والشرط فالميزان ان يكون لليقين عمل بواسطة الشرع سواء كان من جهة كون شيء موضوعا للتكليف مستقلا أو من جهة دخله في الموضوع بنحو من الأنحاء ضرورة ان تقيد مورد الأدلة بالصورة الأولى مما لا وجه له أصلا لأن مقتضى العموم عدم جواز نقض كل يقين له عمل يصح للشارع ان يحكم به واما ان لم يكن المتيقن في السابق حكما من الأحكام الشرعية ولا موضوعا رتب عليه الحكم شرعا بلا واسطة فهو على أنحاء أحدها ما لا ينتهى إلى أثر شرعي أصلا والثاني ما ينتهى إليه بنحو من الأنحاء لا إشكال في خروج الأول من الأدلة واما الثاني فهو على أقسام وكلها يسمى بالأصول المثبتة لكن يختلف بعضها مع بعض في الخروج عن مورد الأدلة وضوحا وخفاء (أحدها ما) ينتهى بواسطة اللوازم العادية أو العقلية إلى أثر شرعي (والثاني) ما ينتهى بواسطة الملازمة بينه وبين شيء آخر اما عقلا واما عادة واما اتفاقا إلى أثر شرعي (والثالث) ما يكون ملزومه أثرا شرعيا أو موضوعا لأثر شرعي (والرابع) ان يكون لازمه أثرا شرعيا ولكن لم يكن ترتبه على ذلك الموضوع بشرعي كما لو أحرز مقتضى الوجوب وشك في المانع فأصالة عدم المانع وان كان يترتب عليها الوجوب وهو حكم شرعي لكن ترتب هذا الحكم على وجود المقتضى وعدم المانع ترتب عقلي كما لا يخفى (والخامس) ان يكون المستصحب أو اثره من الأمور الانتزاعية التي منشأ انتزاعها بيد الشرع كاستصحاب الشرطية أو عدمها أو المانعية أو عدمها بناء على عدم كونها من الأمور المجعولة في حد ذاتها كما هو التحقيق اما خروج الثاني والثالث عن مورد الأدلة فظاهر فان الإبقاء العملي
(٥٥٣)