درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ٢ - الصفحة ٤٢٩
(أحدهما) ما دل على النهي عن القول بغير العلم والجواب عنه واضح لأنا لا نقول بان الواقعة المشكوكة محكومة بالحلية في نفس الأمر حتى يكون قولا بغير علم بل نقول بان إتيان محتمل الحرمة بعد الفحص عن الدليل لا يوجب عقابا وكذا ترك محتمل الوجوب وهذا ليس قولا بغير علم بل هو مقتضى حكم العقل بقبح العقاب من دون بيان (الثاني ما دل بظاهره على لزوم الاحتياط والتورع والاتقاء مثل قوله تعالى واتقوا الله حق تقاته وجاهدوا في الله حق جهاده وقوله تعالى فاتقوا الله ما استطعتم وكذا لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة والجواب عما عدا الأخير ان الاتقاء يشمل فعل المندوبات وترك المكروهات ولا إشكال في عدم وجوبهما فيدور الأمر بين تقييد المادة بغيرهما وبين التصرف في هيئة الطلب بحملها على إرادة مطلق الرجحان حتى لا ينافي فعل المندوب وترك المكروه ولا إشكال في عدم أولوية الأول ان لم نقل بأولوية الثاني من جهة كثرة استعمالها في غير الوجوب حتى قيل انه صار من المجازات الراجحة المساواة احتمالها مع الحقيقة واما عن آية التهلكة فبان الهلاك بمعنى العقاب معلوم العدم لعدم البيان عليه وبدونه قبيح ولا يمكن ان يكون هذا النهي بيانا إذ موضوعة التهلكة ولا يمكن ان يتحقق الموضوع بواسطة حكمه واما الهلاك بمعنى المفاسد المترتبة على فعل الحرام وترك الواجب فالحق ان الآية لا تشملها لأنها مما لم يقل به الا الأوحدي من الناس بالبرهان العقلي حتى ان بعضا من العدلية لا يلتزمون
(٤٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 424 425 426 427 428 429 430 431 432 433 434 ... » »»