درر الفوائد - الشيخ عبد الكريم الحائري - ج ١ - الصفحة ١٨٩
أخرى لو بقيت المحبوبية التي هي ملاك الصحة في العبادة في المثال يلزم كون الشيء الواحد خارجا وجهه محبوبا ومبغوضا وهو مستحيل هذا حال العبادات واما غيرها فلا ينافي النهي فيها مع الصحة مطلقا لوضوح إمكان ان تكون الطبيعة مشتملة على غرض من أغراض الأمر مط فيحصل ذلك الغرض في الفرد المبغوض ولا نعنى بالصحة الا ذلك هذا في غير العقود والإيقاعات واما فيها فالنهي يدل على الصحة إذا تعلق بهما بلحاظ الآثار إذ لو لا ذلك لزم التكليف بالمحال كما هو واضح نعم لو تعلق بنفس الأسباب مع قطع النظر عن ترتب المسببات فليس النهي دليلا على الصحة ولكنه لا ينافيها أيضا لوضوح إمكان ترتب الآثار المتوقعة من تلك الأسباب على ما يكون مبغوضا منها نعم قد يستفاد من بعض النواهي ان ورودها إرشاد إلى فساد متعلقها وهذا لوجود قرائن في المقام ولولاه لزم حمله على ما هو ظاهر فيه من التحريم الغير المنافي للصحة بل موجب لها في بعض المقامات كما عرفت هذا وقد يقال ان مقتضى القواعد وان كان كذلك الا ان في الاخبار ما يدل على ان التحريم ملازم للفساد شرعا (1) مثل ما رواه في الكافي الفقيه عن زرارة عن الباقر عليه السلام سأله عن مملوك تزوج بغير اذن سيده فقال ذاك إلى سيده إنشاء أجازه وإنشاء فرق بينهما قلنا أصلحك الله تعالى ان حكم بن عيينة وإبراهيم النخعي وأصحابهما يقولون ان أصل النكاح فاسد ولا يحل إجازة السيد له فقال أبو جعفر عليه السلام انه لم يعص الله وانما عصى سيده فإذا أجاز فهو له جائز (2) حيث انه يدل على انه لو كان النكاح

(١) وقد ادعى سيدنا الأستاذ طاب ثراه اتفاق العلماء أيضا على ان كل معاملة ورد النهي عنها بعنوانها فهي فاسدة ولعل منشأ هذا الإجماع مثل هذه الاخبار مع إمكان ان يقال بمنافاة النهي للرضي بوقوع الأثر بناء على مدخلية رضا الشارع في ترتب السبب (منه).
(٢) وسائل الشيعة، ج ١٤، ص ٥٢٣، الباب ٢٤ من ابواب نكاح العبيد والاماء، الحديث ١، الكافي ج ٥ ص ٤٧٨، باب المملوك يتزوج بغير اذن مولاه، الحديث 3. من لا يحضره الفقيه، باب طلاق العبد، الحديث 4.
(١٨٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 184 185 186 187 188 189 190 191 192 193 194 ... » »»