نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ٢ - الصفحة ١٥
بجعل القطع لا بجعل آخر بالنسبة إلى الحكم الأول، أعني وجوب متابعة القطع صحيح، بناء على ما قدمناه من معنى وجوب المتابعة، وان ذلك بمعنى التأثير التكويني في الحركة. والظاهر أنه المراد من اسم الإشارة بقرينة ما سيذكره، من لزوم اجتماع الضدين في صورة المنع. واما بالنسبة إلى حكم العقل بالمنجزية والمعذرية، أعني حكمه بحسن العقاب والثواب وقبحه، فلا معنى محصل له، فان حكم العقل بهما قائم بالنفس، وليس من الخصوصيات القائمة بالقطع ليكون مجعولا بجعله، فلا بد ان يراد من ذلك مجعولية الخصوصية القائمة بالقطع، الموجبة لحكم العقل لا نفس حكم العقل.
قوله: مع أنه يلزم منه اجتماع الضدين اعتقادا مطلقا:
يعني وجوب الواقع المقطوع وجوبه وحرمة العمل بهذا القطع، فيكون الواقع بذاته واجبا، وبما انه مقطوع الوجوب حراما، ويكون كما إذا قيل أكرم زيدا ولا تكرم زيدا العالم. ولا فرق في ذلك بين أن يكون القطع جز الموضوع وأن يكون تمامه، فان اجتماع الضدين في نظر القاطع لا محالة لازم. ويحتمل أن يراد من اجتماع الضدين وجوب العمل بالقطع المجعول بجعل ذاته تكوينا، والمنع عن العمل به تشريعا. ومن ذلك يظهر لزوم اجتماع المثلين اعتقادا مطلقا وحقيقة في صورة الإصابة من جعل وجوب المتابعة للقطع، فيكون المتحصل من ذلك ومما ذكرناه أولا براهين ثلاثة في جانب عدم معقولية الجعل برهان تحصيل الحاصل، وبرهان التسلسل، وبرهان اجتماع المثلين، وفي جانب المنع عن العمل برهان واحد، وهو برهان اجتماع الضدين ولو اعتقادا، ثم إن إطلاق الحجة على القطع في أحكامه الثلاثة، أعني وجوب المتابعة والمنجزية والمعذرية، جار على اصطلاح أهل الميزان، لان القطع موضوع للأحكام الثلاثة العقلية، فصح جعله وسطا لاثباتها، فيقال: هذا ما قطع بوجوبه، وكل ما قطع بوجوبه يجب الاتيان به عقلا، ويصح العقاب على مخالفته مع الموافقة، ويقبح العقاب على مخالفته مع الموافقة.
قوله: وإن كان ربما يوجب موافقته استحقاق المثوبة:
وذلك فيما إذا كان المانع
(١٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 10 11 12 13 14 15 16 17 18 19 20 ... » »»