والغضبية، فإن لكل من القوى هاتين الجهتين: جهة الادراك وجهة التأثير في الحركة نحو ما أدرك ملائمته، ولولا ذلك لم يكن مجرد إدراك العقل ملائمة شئ، وإدراك سائر القوى ملائمة أشياء، مؤثرا في تحريك الشخص نحو ما أدرك ويبقى واقفا لا يتحرك، فالحركة عقلية كانت أم شهوية أم غضبية لا زالت نتيجة قوتين:
قوة الادراك وقوة التحريك، فلو كان وجوب العمل على وفق القطع من قوة الادراك لآل الامر إلى التسلسل، فإن القطع بحكم العقل بوجوب العمل بالقطع أيضا، مصداق للقطع، يحكم العقل بوجوب العمل على وفقه وهلم جرا، ولكان هذا الحكم العقلي عين حكم العقل بوجوب الإطاعة لا حكما آخر، ولما أثر في الحركة الخارجية.
قوله: موجبا لتنجز التكليف الفعلي:
يعني كونه موجبا لحكم العقل بحسن العقاب على مخالفته، والثواب على موافقته فيما أصاب بناء على أن استحقاق الثواب والعقاب عقلي، لا بالوعد والوعيد. وأيضا كونه موجبا لحكم العقل بقبح العقاب بموافقته فيما أخطأ. واما حكم العقل باستحقاق العقل بمخالفته فيما أخطأ وكذلك الثواب بموافقته في هذا الحال، فهو من محل الاشكال، الذي سيأتي البحث عنه مستقلا بعنوان التجري والانقياد. ثم الظاهر: ان أعذار العقل في صورة الخطأ ليس بعنوان القطع بما هو قطع، بل بعنوان الجهل القصوري العام، فان من مصاديق الجاهل القاصر، هو القاطع بخلاف الواقع، فعد ذلك من أحكام القطع، ليس على ما ينبغي.
قوله: ولا يخفى ان ذلك لا يكون بجعل جاعل:
يعني انه خصوصية تكوينية لازمة لذات القطع، وما هذا شأنه لا يكون مجعولا بسيطا، كما هو واضح ولا تأليفيا تكوينيا ولا تشريعيا لان جعله يرجع إلى تحصيل الحاصل بعد فرض لزومه للذات تكوينا، المستلزم لمجعوليته بجعلها، فهو حاصل مجعول بجعل محله بلا انتظار جعل آخر، ومعه لا يعقل أن يكون مجعولا بجعل آخر، مع أن جعله مستلزم للتسلسل، لتعلق القطع بهذا الجعل المحتاج أيضا إلى الجعل، و هلم جرا. ثم إن ما ذكره من المجعولية