بأي أنحاء الجمع، كما جاز الاخذ بأحدهما وترك الاخر، وهو التخيير الذي اخترناه سابقا، فيكون المحصل تخييرا عاما وتخييرا بين التبعيض بأنحائه، وبين الاخذ بواحد وترك الاخر رأسا، مخيرا أيضا في المأخوذ والمتروك.
نعم، حيث لا يمكن الجمع والتبعيض في الصورة الثانية، يتعين التخيير بأخذ أحدهما وطرح الاخر رأسا.
وتوضيح المدعى يتوقف على بيان معنى (صدق) وما هو قضية دليل الاعتبار.
فاعلم: ان دليل (صدق) نسبته إلى خبرين وثلاثة اخبار وأربعة وهكذا، وإلى خبر عدل واحد مشتمل على حكاية حكمين وثلاثة أحكام وأربعة وهلم جرا، ولو بلفظ واحد، نسبة واحد، فلا يكاد يختلف الحال في ساحة هذا الدليل، بين أن يكون مجموع مجلدات كتاب وسائل الشيعة قد حكى عدل واحد، وبين أن يكون كل حكم، حكم تضمنته رواية واحدة رواه عدول، مستقلا، مستقلا، فان (صدق) ينشأ مماثل ما حكاه العدل أو يصير حجة عليه، فإذا حكى عدل واحد ألف حكم أنشأ (صدق) هناك ألف حكم، كما إذا أخبر ألف عدل لذلك الألف حكم بلا تفاوت شعرة، وحينئذ فإذا أخبر عدل بحكم عام، كوجوب إكرام العلماء وأخبر العدل الاخر على خلافه، كوجوب إهانتهم، فلا ريب انه لا يمكن الاخذ بدليل (صدق) فيهما بتمام مدلولهما، واما الاخذ بدليل (صدق) في أحدهما دون الاخر، أو في بعض مدلول أحدهما منضما إلى بعض مدلول الاخر، فكل ممكن، ومعه لا وجه لتعين الأول، كما لا وجه لتعين الثاني، بل المتعين هو التخيير، و جواز الجمع كجواز الاخذ بأحدهما وطرح الاخر رأسا.
ويظهر وجه ذلك مما ذكرناه سابقا، وجها للتخيير في مقابل من قال بالتساقط. ونحن وان ذكرنا سابقا التخيير لكن كان ذلك في مقابل القول بالتساقط، والآن نعمم دائرة التخيير بما يشمل الاخذ بكل في جز مدلوله، فيكون المحصل تخييرا عاما إلى آخر العبارة التي قدمناها. وهذا الامر أوضح على السببية منه على الطريقية، مثلا إذا أمر المولى بإطاعة الأب، وأمر الأب بإكرام العلماء