المؤثر في نظر العرف، هو الصحيح عند الشارع. وليس هذا حقيقة من التمسك بإطلاق الخطاب، فان الاطلاق انما يكون في مقابل التقييد وليس الشك في المقام في التقييد، بل هذا تنزيل للخطاب على المصاديق العرفية، ما لم يثبت ردع من الشارع، فان ثبت ذلك من قانون أهل المحاورة فهو، وكان أصلا برأسه، في مقابل أصالة الاطلاق، وإلا لم تكن به عبرة.
عدم جريان الاستصحاب مع الامارة قوله: والتحقيق انه للورود:
توضيحه: ان الاخذ بدليل الامارة في الخروج عن الحالة السابقة ليس من نقض اليقين بالشك، بل باليقين بالحجة بخلاف الاخذ بالاستصحاب، فإنه وظيفة للشك، ولا يوجب الاخذ به خروج الشك عن كونه شكا، وإلا نافى الحكم موضوعه، فموضوع الامارة باق مع جريان الاستصحاب بخلاف العكس، وكلما دار الامر بين دليلين، كذلك وجب الاخذ بالذي يرفع موضوع صاحبه وفي الحقيقة لا معارضة بينهما، إذ بشمول أحدهما يقصر الاخر عن الشمول، والمعارضة فرع انحفاظ كل من الشمولين في عرض شمول الاخر، ومن ذلك يظهر بطلان التخصيص، فان التخصيص فرع شمول العام في عرض شمول المخصص، والمفروض ان دليل الأصل لا يشمل في عرض شمول دليل الامارة ليخصص به.
وفيه، أولا: ان دليل الاستصحاب وإن كان مغيا باليقين بالخلاف، لكن الظاهر: ان متعلق اليقين فيه هو اليقين بالواقع، كما أن متعلق الشك فيه، هو ذلك لا بمطلق اليقين، ولو بالحجة.
وثانيا: ان اعتبار الامارة أيضا انما يكون في موضوع الشك، وعدم قيام حجة على الواقع والتصريح بذلك، وان لم يقع في دليل الاعتبار. لكن معلوم: ان الامارة لا تكون مع اليقين بالواقع أو اليقين بالحجة، فكان الاخذ بدليل الأصل أيضا رافعا لموضوع دليل الامارة.
فحصلت المعارضة، وكان ترجيح أحد الدليلين على الاخر بلا مرجح.