تشملها العناية الإلهية والشفاعة النبوية (ولا يشفعون إلا لمن ارتضى).
هذه خلاصة ما رامه المصنف (قده)، وأنت خبير بأن سلوك هذا المنهج يفضي إلى أن يكون تكليف العصاة نقمة عليهم، قائدا لهم إلى الدركات، كما أن تكليف المطيعين يكون رحمة لهم، موصلا لهم إلى الدرجات، فإن ظهور الخصوصيات الكامنة بالقرب والبعد الفعليين يكون بسبب التكليف، فيطيع طائفة المطيعين، فيستحقون بذلك الدرجات، ويكون تكليفهم لطفا لهم وموجبا لفعلية كمالاتهم، ويعصي طائفة العصاة فيستحقون بها الدركات، ويكون تكليفهم قهرا عليهم، موجبا لفعلية نقائصهم الذاتية.
والذي يختلج بالبال: هو ان التكليف الذي هو هداية السبيل المترتب عليه كون المكلف (إما شاكرا وإما كفورا)، لطف من الله العزيز، لأجل تكميل النفوس وإيصالها إلى كمالاتها الفعلية، من غير فرق بين العصاة والمطيعين، وحيث إن الوصول إلى تلك الكمالات لا يكون إلا بإتعاب النفس وحملها على المشاق، بالإرادة والاختيار، كما قال شاعر العجم: (نابرده رنج گنج ميسر نميشود)، والمشقة المكملة إحدى مشقتين: مشقة العمل بالتكليف في دار التكليف، ومشقة العقاب في دار الجزاء، فإذا اختار المكلف مشقة دار التكليف، كمل في دار التكليف واستحق نعيم الجنان، بمجرد الرحلة من هذه الدنيا، وإذا اختار مشقة العذاب، احتاج إلى التكميل في الدار الآخرة بالعقاب، فإذا عوقب التحق بأولئك الأولين، وقد اختار المولى اختيار المشقة الأولى، لكونها أهون بمراتب في جنب عذاب الآخرة.
لكن هذا المنهج لا ينجح عموما ولا يصحح الخلود في نار جهنم، وقد أنكر الخلود في العذاب بعض أهل المعقول مع الاعتراف بالخلود في نار جهنم، قائلا: بأن أهل جهنم ينتهي شأنهم إلى الالتذاذ بنار جهنم والانس بمؤلماتها. وأنت خبير: بأن كل ما يقال في أمثال هذه المسائل التي لا سبيل إلى العلم بحقيقة الحال فيها، ان لم يكن كفرا، فهو فضول ورجم بالغيب وتخرص، والمتبع في ذلك كلام أهل الوحي، فكل