بالنفس ومع عدمه وقد تكرر في كلام المصنف (قده) ان الصيغ الانشائية ليست موضوعة بإزاء الصفات الحقيقية القائمة بالنفس من التمني والترجي والاستفهام بل هي من دواعي إنشائها كما يكون لداعي غير ذلك أحيانا وعلى ذلك فالجزئية لا تنافي قبولها للانشاء وإشكال المصنف (قده) مبنى على ما هو ظاهر المقدمات من وضعها للصفات الحقيقية فإنها غير قابلة للانشاء قطعا وانما القابل للانشاء هو المفاهيم بل القابل منها لذلك هو مفاهيم خاصة تتحصل بالانشاء ويكون الانشاء مصداقا لها قوله واتصاف الفعل بالمطلوبية الواقعية:
لعله أراد بهذه العبارة دفع الاستدلال الذي تقدم من القائل بالجزئية و لكن التعبير ليس على ما ينبغي فان المستدل لم يكن يدعى المنافاة بين الاتصاف بالمطلوبية الحقيقية والاتصاف بالمطلوبية الانشائية بل استدلاله يعطى توهم اتحاد المطلوبين (فالصواب في الجواب ان يقال) ان المطلوبية في المقدمتين ليست بمعنى واحد بل هي في صغرى البرهان بمعنى المطلوبية الانشائية وفي كبراه بمعنى المطلوبية الحقيقية فحد الوسط غير متكرر في المقدمتين فلا يتم البرهان قوله والا فلا لصيرورة الشك فيه بدويا:
هذا إذا لم يكن مسبوقا بالوجوب لوجوب ما احتمل كونه شرطا له ثم شك في ارتفاع وجوبه بارتفاع وجوب ذلك والا استصحب الوجوب الجامع بين الوجوب النفسي والغيري ويكون ذلك من قبيل استصحاب الشخص المردد بين طويل العمر وقصيره قوله لا ريب في استحقاق الثواب:
ان استحقاق العبد للثواب على الإطاعة عقلا بحيث لو لم يثبه المولى كان مرتكبا للقبيح وظالما مفوتا لحقه محل نظر بل منع فان باب الأمر والاطاعة ليس باب الاستئجار ليستحق الأجير بإتيان العمل المستأجر عليه الأجر والثواب (نعم) لو وعد المولى بالاجر قبح منه مخالفة الوعد وترك الوفاء به هذا كله في جانب الثواب (واما) استحقاق العبد العقاب على المعصية فالعقاب إن كان من جهة عدم وصول المولى إلى مقصده وغرضه بسبب عدم إتيان العبد بمتعلق غرضه فهو قبيح عقلا وناشئ من الجهة الحيوانية (وإن كان) من جهة مجرد مخالفة عبده له وظلمه لمولاه بعدم إتيانه لما هو حقه أعني به الإطاعة وان فرض عدم غرض له في متعلق امره فيجوز مجازاته بالايذاء من باب (وجزأ سيئة سيئة مثلها) فان العقل يحكم بحسن مجازات السيئة بالسيئة وليست المجازات كالابتداء في حكم العقل بالقبح و هذا هو الاستحقاق العقلي (فلا ريب) ان الغنى المطلق جل وعلا لا تضره معصية