نهاية النهاية - المولى محمد كاظم الخراساني - ج ١ - الصفحة ١٥٩
العاصين كي يجازى على ذلك (وإن كان) ذلك لمجرد تأديب العبد كي لا يعود على المعصية التي تضره فان ذلك وإن كان لطفا من المولى ومقربا للعبد إلى الطاعة ومبعدا له عن المعصية (لكنه) لا يكاد يكون بعد انقطاع العبد من دار التكليف وتحوله إلى دار الآخرة وانما يحسن ذلك في دار التكليف كما كان يكتب في الأمم السابقة على باب دار العاصي انه عاص لكي يرتدع عن المعصية في المستقبل (وإن كان) من جهة إزالة الأوساخ والقذارات الحاصلة من المعاصي التي يكون ظهورها العقاب ولا يزول درن المعاصي بدونه فيكون عقابه لطفا لأجل التطهير والتصفية ويكون العبد بذلك لائقا لحضور مجلس المولى ومحل رحمته ومهبط فيضه (فهو أيضا) لا يجتمع مع الخلود في العذاب الثابت بنص الكتاب وصريح السنة (فينحصر الامر) اما بالالتزام بتجسم الأعمال وان العذاب الأخروي عبارة عن نفس هذه الأعمال والمعاصي التي ارتكبها العاصي وكانت حقائقها الواقعية مستورة بالحجب الدنيوية فظهرت بالموت للنفس بصورها الواقعية وتتألم النفس بما اختارته في دار الدنيا من الأعمال أو الالتزام بان الثواب والعقاب بالوعد والوعيد وهما أعني نفس الوعد والوعيد لطفان من المولى مقربان للعبد نحو الطاعة ومبعدان له عن المعصية والعمل عليهما بإعطاء الثواب فعلا على الإطاعة و العقاب على المعصية تنفيذ لإرادة العبد إذ هو اختار هما باختيار ما هو سبب لهما بجعل المولى فجعلهما حسن والعمل على طبق الجعل والوفاء به أيضا حسن فان الحيلولة بين العبد وإرادته ربما يكون قبيحا (لكن الأول) أعني به تجسم الأعمال باطل وذلك لان العقاب من تبعات عنوان المعصية ومخالفة طلب المولى عن عمد فهو متأخر عن الطلب ومتولد منه بحيث لولاه لم يكن والعمل سابق بحسب المرتبة على الطلب ويتبعه الطلب (فينحصر الامر بالثاني) أعني به الوعد والوعيد (ثم) على تقدير ثبوت الاستحقاق عقلا فالبداهة تشهد بأنه لا فرق في الاستحقاق المذكور بين الأوامر النفسية والغيرية فان ملاك الاستحقاق في الجميع واحد وهو ترك أداء حق المولى وعدم القيام بوظائف عبوديته بتنفيذ مقاصده وإجراء أوامره ونواهيه فلا وجه للتفصيل والتفكيك بالاستحقاق في الأول وعدم الاستحقاق في الثاني (بل) لو ثبت عدم استحقاق من ترك الواجب بمقدماته الا لعقاب واحد عقلا كشف ذلك عن عدم وجوب
(١٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 154 155 156 157 158 159 160 161 162 163 164 ... » »»