تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ١١١

____________________
يكون مرجعه إلى ما قررناه.
وأما المقدمة الثانية فمع مخالفتها ظهور اللفظ عرفا في الوجوب كما هو التحقيق، أو الصيغة الدالة عليه كما زعمه جماعة، فلا يصار إليها إلا مع دلالة معتبرة منتفية في المقام، يدفعها: قيام قرينة قاضية بإرادة الوجوب خاصة كصدر الرواية وسياقها والتوبيخ المستفاد منها.
وقضية ذلك حمل قوله (صلى الله عليه وآله): " فأتوا " على الوجوب دفعا للتنافي حسبما أشرنا إليه، فلا وجه لما أورده بعض الفضلاء على جوابهم عن الاستدلال بمنع الرد إلى مشيتنا بل إلى استطاعتنا فيفيد الوجوب، من أن الرد إلى استطاعتنا لا دلالة له على كون " الأمر " للوجوب إلا إذا ثبت أن قوله (صلى الله عليه وآله): " فأتوا " للوجوب وهو يفضي إلى الدور، بل الصواب أن يقال: فلا يفيد الندب.
وأما الثالثة: فمع أنها مفضية إلى الدور (1) كما يظهر بأدنى تأمل، يدفعها: ما أشرنا إليه في دفع المقدمة الثانية، ومع الغض عن ذلك فهو ظاهر في الإرشاد بناء على ما يشهد به السياق، فيراد به بيان المصلحة الواقعية بالمعنى العام المتناول كلا من ما في الوجوب والندب، فأي شيء خصته بالثاني دون الأول، فقضية ذلك خروج الرواية غير واضحة الدلالة على ما رامه المستدل، فتسقط به عن صلوح الدليلية، مع أنه لو دل على التعليق على المشية لكان أظهر في إرادة الإباحة منه، القاضية بالتسوية بين طرفي الفعل والترك كما لا يخفى على المتدرب.
فقضية ذلك كون الأوامر مرادا منها الإباحة وهو خلاف مطلوبكم.
وأما الرابعة: ففيها منع واضح، لعدم ترجيح لأحد هذين الاحتمالين على ما يقابلهما، على أن لفظة " ما " كما يحتمل كونها مصدرية فكذلك يحتمل كونها موصولة أو موصوفة، وأن النكرة كما يحتمل كونها كلا له أجزاء فكذلك يحتمل كونها كليا له أفراد، أو الأعم منهما من دون رجحان لما هو مناط الاستدلال على ما ينافيه، وقضية ذلك - بعد الغض عما ذكر في منع المقدمات السابقة - خروج الرواية مجملة.
وأما الخامسة: فيبطلها ظهور " الاستطاعة " عرفا ولغة في القدرة فلا يصار إلى خلافها إلا بدلالة واضحة، وهي إن لم نقل بكونها بملاحظة ما قررناه في إبطال المقدمات السابقة في جانبها، فلا أقل من عدم كونها في جانب خلافها.

(1) وجهه: أن هذا الأمر لا يكون للندب إلا على تقدير كون مطلق الأمر للندب، فلو توقف ذلك على كون ذلك للندب كما هو مناط الاستدلال لزم الدور. (منه).
(١١١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 104 105 107 109 110 111 112 113 114 117 118 ... » »»