تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ١١٣
وثانيهما: أن أهل اللغة قالوا: لا فارق بين السؤال والأمر إلا بالرتبة *; فان رتبة الآمر أعلى من رتبة السائل; والسؤال إنما يدل على الندب; فكذلك الأمر، إذ لو دل الأمر على الايجاب لكان بينهما فرق آخر. وهو خلاف ما نقلوه.
وأجيب: بأن القائل بكون الأمر للإيجاب يقول: بأن السؤال يدل عليه أيضا * *؛ لأن صيغة " افعل " عنده موضوعة لطلب الفعل مع المنع من
____________________
يكن ظاهرا في خلافه.
* ولا يخفى أن ذلك احتجاج بما كان مدلولا التزاميا لنقل أهل اللغة إن كان ثابتا عنهم، لابتنائه على مفهوم الحصر المستفاد من قولهم بطريق الدلالة الالتزامية.
والظاهر أن مثل ذلك معتبر عندهم في إثبات المطالب اللغوية، بل هو المصرح به في كلام الفحول حيث عدوا من الأمارات ما كان إحدى مقدمتيه ثابتا بطريق النقل والأخرى بطريق العقل، كما ذكروه لإثبات العموم في الجمع المعرف باللام، فلا يناقش في ذلك بأنه احتجاج بطريق العقل الذي لا مدخل له في اللغات، ولا بأنه مبنى على القياس الذي لا أثر له في باب الألفاظ.
* * ولا يخفى أن ذلك الجواب مبناه على تسليم أصل النقل من أهل اللغة، والظاهر أنه في مقابلة احتجاج الخصم يشبه المصادرة بالمطلوب، فإن دلالة السؤال على الإيجاب أول المسألة، ومجرد كونها مما يقول به القائل بأن " الأمر " للوجوب لا ينهض دليلا على بطلان قول الخصم، ولا سيما مع نقل أهل اللغة أن السؤال لا يدل إلا على الندب كما تضمنه الدليل.
اللهم إلا أن يقال: بأن هذه المقدمة من مضافات المستدل فلم تكن مما صرح بها أهل اللغة حتى تنهض دليلا على رد الجواب، فيكون مرجعه حينئذ إلى المعارضة بالمثل.
فمحصله على هذا التقدير: أن النقل المذكور من أهل اللغة غير مناف للقول بالوجوب، لابتنائه على أن يكون السؤال للندب، وهو وإن كان مما يدعيه الخصم إلا أنه ليس بأولى من قول خصمه بأنه كالأمر للوجوب، والمفروض عدم نهوض ما يكون دليلا على تلك الدعوى، ومجرد قول الخصم لا يصلح حجة على معانده.
أو يقال: إنه منع لبعض مقدمات الدليل، فيؤول إلى أن الجزء الثاني مما نقله أهل اللغة محجوج عليه بما يقضي بكون السؤال للوجوب، الملازم لكون " الأمر " له أيضا كما يقول
(١١٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 107 109 110 111 112 113 114 117 118 119 120 ... » »»