تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ١١٧
والتحقيق: أن النقل المذكور عن أهل اللغة غير ثابت *، بل صرح بعضهم بعدم صحته.
____________________
وتاركه الذم والعقاب فالتلازم بينه وبين الإيجاب إنما هو بحسبه، وإن أراد به وراء ذلك حتى يكون مرجعه إلى نفي التعدد بينهما، ففيه: منع واضح، كيف وأنهما متغايران ذاتا - من حيث كون الإيجاب من مقولة الفعل، والوجوب من مقولة الكيف - ومتعاقبان زمانا - من حيث كونهما مترتبين ترتب العلة والمعلول - ومتعددان محلا - من حيث كون الأول وصفا للآمر والثاني وصفا للمأمور به -.
* ولا يخفى أن مرجع ذلك إما إلى إبطال جعل الفرق الذي أسند التصريح به إلى أهل اللغة، أو إلى إنكار دعوى كون السؤال للندب إن كان ذلك أيضا من جملة ما صرح به أهل اللغة، فلا تكون العبارة نصا ولا ظاهرا في أول الاحتمالين حتى يرد عليه ما أورد بعض الفضلاء من: أن التزام تعدد وضع " الأمر " بالنسبة إلى العالي وغيره مما يأبى عنه الذوق السليم، لجواز أن يكون مراده ثانيهما فلا تعدد في الوضع حينئذ كما لا يخفى.
ثم إن لأصحاب هذا القول دليلا ثالثا حكاه بعض الأعاظم وهو: أن " الأمر " لطلب الفعل فلابد من رجحان جانبه على جانب الترك، وأدناه الندب لتساوي الطرفين في الإباحة، وكون المنع من الترك زائدا على الرجحان.
وفيه: أن رجحان جانب الفعل على جانب الترك في " الأمر " إنما هو من الأمور التي تجب رعايتها على الآمر إذا كان حكيما دفعا لقبح ترجيح المساوي أو المرجوح عن طلبه، لا من الأمور الواجب رعايتها على الواضع حين الوضع واعتبارها في الموضوع له، نظير القدرة والمقدورية في المأمور به اللتين لا يجوز للحكيم الإهمال فيهما حين الطلب، من دون مدخلية لهما فيما وضع له اللفظ، فلذا يقال: بأن قول القائل: " طر إلى السماء " لا اختلال فيه بحسب اللغة أصلا، بل لو كان هناك اختلال فإنما هو بحسب العقل بالنظر إلى القائل من حيث منافاته لما فيه من الحكمة، وإنما الذي يرتبط في محل البحث باللغة ويتوقع من الواضع هو جعل " الأمر " بإزاء الطلب مع كونه مقيدا بالمنع من الترك، أو الإذن فيه أو مطلقا.
ومن البين أن أوسط الاحتمالات ليس بأولى من أولها، لتساوي كل منهما في
(١١٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 110 111 112 113 114 117 118 119 120 121 123 ... » »»