تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ١٠٤

____________________
بما هو مذكور فيهما أو بأدنى تأمل.
وثانيها: ما روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) من أنه دعا أبا سعيد الخدري وهو في الصلاة فلم يجبه، فقال (صلى الله عليه وآله): ما منعك أن لا تستجيب وقد سمعت قوله تعالى: ﴿يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول﴾ (1).
بتقريب: أن التوبيخ على عدم الاستجابة فرع لوجوبها، وتوجهه من الحكيم إلى أبي سعيد دليل على فهمه إياه من الدعاء وهو من أهل اللسان فيكون فهمه حجة، مضافا إلى احتجاجه (صلى الله عليه وآله) بالصيغة الواردة في الآية، فإنه ينبئ عن فهمه الوجوب عنها وهو أيضا حجة لما ذكر.
واحتمال استناده في المقامين إلى خارج من اللفظ يندفع بما هو معمول به في سائر التبادرات، فيندفع به ما عن الإحكام من أن القرينة على وجوب الأمر المذكور ظاهرة، حيث إن فيه تعظيما لله ورسوله ودفعا للإهانة والتحقير الحاصل بالإعراض، كما يندفع به ما عساه يتوهم من اختصاص الحكم للأمر الوارد في الآية الشريفة، وما في كلام بعض الأفاضل من أن غاية ما يستفاد منها كون الصيغة مفيدة للوجوب ظاهرة فيه وهو أعم من كون ذلك بالوضع أو من جهة ظهور الطلب فيه، والظاهر أنه على الوجه الثاني.
وأما ما قيل: من أن دعاءه لم يعلم كونه بصيغة الأمر، ولم يعلم أيضا كون التوبيخ الوارد عليه من جهة مجرد عدم إجابة الدعاء، بل قد يكون من أجل الأمر الوارد في الآية الشريفة المقرونة بقرينة الوجوب.
ففيه: ظهور الدعاء مفهوما ومصداقا في كونه بصيغة الأمر كما هو الغالب الشايع، ولو سلم لكان في ثاني وجهي الاستدلال كفاية في ثبوت المدعى مع المنع عن اقتران الآية بقرينة الوجوب.
نعم، ربما يستشكل في ذلك من جهة أن تتميم الاستدلال به ونظائره فرع ثبوت الصغرى، وخبر الواحد ولا سيما إذا كان مرسلا بل ونبويا غير صالح لذلك. ودعوى: أنه صالح لإفادته الظن وهو حجة في اللغات، مع توجه المنع إليها لا تكاد تجدي في المقام، فإن الظن الذي هو حجة في اللغات ما قام الدليل باعتباره بخصوصه من إجماع العلماء أو

(١٠٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 96 98 99 100 101 104 105 107 109 110 111 ... » »»