تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٩٣
فان قيل: قوله في الآية: " عن أمره "، مطلق فلا يعم *، والمدعى إفادته الوجوب في جميع الأوامر بطريق العموم.
____________________
المذكورة في حد نفسه كما لا يخفى.
* ومحصل الإيراد: أنه لا دلالة في الآية إلا على كون أمر ما للوجوب، بمعنى إرادة الوجوب منه، حيث لا عموم فيها، وهذا مما لا كلام فيه، كما أنه لا يوجب المطلوب.
وجوابه التحقيقي: إن " أمره " مصدر مضاف، وهو على ما يساعده ظاهر النظر يرد في المحاورة على وجهين، فمنه ما يفيد العموم ومنه ما لا يفيده، وإنما يختلف ذلك بوروده في حيز الإنشاء أو الإخبار من غير المضي، ووروده في حيز الإخبار من المضي.
وإن شئت حقيقة ذلك فانظر في قولك: " أطع أمر زيد " و" إني أحب ركوبه " و" رأيت ركوبه " فإن الأخير لا يقتضي أزيد من فرد ما بخلاف الأولين.
ووجه الفرق: أن الإخبار إذا قيد بالمضي من الأزمنة فلا جرم يقتضي وجود متعلقة في الخارج ولا موجود إلا الفرد، بخلاف الإنشاء أو الإخبار بغير المضي فإنهما لا يقتضيان وجودا أصلا، بل الذي يقتضيانه إنما هو تعلق الحكم بالطبيعة وهي سارية في جميع أفرادها فيتبعها الحكم وهو معنى العموم، ومن هذا الباب محل البحث من الآية فلا إيراد، ومن أطلق الحكم بكون المصدر المضاف مفيدا للعموم كالمصنف وغيره إن أراد ما قررناه فمرحبا بالوفاق، وإلا فدائرة المنع أوسع مما بين الأرض والسماء إن أراد العموم الوضعي، وكذلك لو أطلق في تلك الدعوى بحيث كانت شاملة لجميع أحوال اللفظ إن أراد العموم بالمعنى الذي قررناه.
ودعوى: جواز الاستثناء في غير ما ادعينا العموم فيه.
يدفعها: لزوم الاستهجان في الاستثناء لو ورد على ما في حيز المضي كما لا يخفى.
فإن ظاهر العموم بالوجه المتقدم كونه إفراديا فيفيد التهديد على مخالفة كل واحد واحد من أوامره تعالى، فلا يرد ما قيل أيضا - بعد تسليم العموم في " الأمر " - بإبداء احتمال إرادة مجموع الأوامر من حيث المجموع فلا يفيد المطلوب، لصحة التهديد على المخالفة حينئذ على تقدير كون البعض مفيدا للوجوب مجازا، أو إطلاقا للفظ المشترك لفظا أو معنى على أحد معنييه.
(٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 88 89 90 91 92 93 96 98 99 100 101 ... » »»