تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ١١٢
وأجيب بالمنع من رده إلى مشيتنا *، وإنما رده إلى استطاعتنا، وهو معنى الوجوب * *.
____________________
ولو سلم فهو لنفي وجوب التكرار لا نفي أصل الوجوب، كما أنها بناء على حملها على القدرة تفيد وجوب التكرار، فتنهض دليلا على القول بالتكرار، فلذا تمسك بها بعض الفضلاء على هذا المطلب، مع أن إطلاق التعليق على المشية - لو سلم - من دون تنبيه على رجحان الفعل ولا إشارة إلى مرجوحية الترك يلائم الإباحة، وهو خلاف المطلوب كما عرفت.
* أجيب عنه تارة: بأن الرد إلى المشية يشير إلى الإباحة ولا أقل من كونه أعم منه ومن الندب، فمن أين يصح كونه بمعنى الندب.
ثم إنه لا دلالة فيه على كون اللفظ موضوعا للندب، إذ غاية الأمر أن يكون ذلك مرادا منه وهو أعم من الحقيقة.
وأخرى: بأن غاية ما يقتضيه الرواية كون " الأمر " للندب وهو غير الصيغة وهو جيد، وإن كان أجيب عنه بالإجماع المركب، لأن كل من قال بكون المادة للندب فقط قال بكون الصيغة له كذلك، كما أنه كل من قال بكون الصيغة للوجوب قال بكون المادة له وبالأولوية، نظرا إلى أن الخلاف وعدم الظهور في الصيغة أكثر من المادة، فلو قال في المادة بكونها للندب فالأولى بذلك قوله بكون الصيغة له، وفي كلا الوجهين نظر يظهر بأدنى تأمل.
وثالثة: بأن البيان ربما يشعر بأن الندب غير معناه الحقيقي، إذ لو كان معناه الحقيقي لم يحتج إلى البيان.
* * واعترض عليه تارة: بما أشرنا إليه مع رده، من أن الرد إلى استطاعتنا لا دلالة له على كون " الأمر " للوجوب، إلا إذا ثبت أن قوله (صلى الله عليه وآله): " فأتوا " للوجوب، وهو يفضي إلى الدور، بل الصواب أن يقال: فلا يفيد الندب.
وأخرى: بأن الرد إلى الاستطاعة كما هو حاصل في الواجب فكذا في المندوب، ضرورة عدم استحباب الإتيان بغير المقدور، فهو أعم من الوجوب والندب.
والأولى أن يجاب بما عن الآمدي: بأن الذي وقع التصريح به في الرواية إنما هو الرد إلى الاستطاعة لا المشية، وهو ليس من خواص الندب حتى يستدل به على كون مطلق " الأمر " للندب، ضرورة كون كل واجب مردودا إلى الاستطاعة بل هو أولى بذلك، حيث إنه منع من تركه بخلاف المندوب، فلا يكون الرواية نصا ولا ظاهرا في المطلوب إن لم
(١١٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 107 109 110 111 112 113 114 117 118 119 ... » »»