تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٩٨

____________________
ذكرها معها أداء لحق الحكمة بتمامه، وسدا لما عساه يتخيله المحكى لهم - وهم المخاطبون بتلك الآية - من احتمال عدم إفادتها الوجوب لمن توجهت إليهم من المكلفين بالركوع، حيث وردت عليهم مجردة عما يفيده من القرائن، فيقبح الذم المتوجه إليهم حينئذ (١).
نعم ربما يشكل الاستدلال على جميع تقادير الجواب عما أشرنا إليه من السؤال من جهة أخرى، وهي أن دلالة الآية على المطلوب مبنية على كون المذمومين غير الكفار، أو كون الكفار مكلفين بالفروع، والأول غير منساق من الآية بل المنساق خلافه كما لا يخفى على من لاحظ الآيات السابقة عليها، كما أن الثاني مما يأباه القوة العاقلة لامتناع التكليف بغير المقدور، نظرا إلى امتناع الفروع عنهم صحيحة في حال الكفر، واستحالة الفعل السفهي عليه تعالى نظرا إلى علمه تعالى بعدم إتيانهم بها، وكون الكفر في أول المحذورين ظرفا للتكليف لا شرطا للمكلف غير مجد في ارتفاع المحذور، لكون الامتناع في تلك الحال.
ودعوى كونه امتناعا بالاختيار وهو لا ينافي الاختيار واضح المنع عندنا، لمكان المنافاة خطابا وعقابا بحكم العقل وبناء العقلاء.
نعم لا نضائق العقاب على تفويت الاختيار وتسديد باب التكليف وتوجه الخطاب.
والقول بأن ذلك مسلم مع سلب الاختيار كما في امتناع الوضوء ممن قطع يديه باختياره وأما بدونه فلا، كما في امتناع حصول مشروط بالطهارة من الجنب في الجنابة، فكما أنه مكلف به في هذه الحالة لقدرته على إزالة المانع وهو الجنابة فكذلك الكافر لقدرته على إزالة المانع وهو الكفر فلا امتناع كما لا امتناع، واقع في غير محله، فإن المدعى مسلم كتسليم الحكم في المقيس عليه، ولكن الحكم في المقيس غير مسلم، لمكان الفرق بينهما في دخول الأول في جملة أفراد موضوع المدعى دون الثاني، ضرورة سلب قدرتهم على إزالة الكفر بتقرر أسبابه ومقتضياته الموجبة لعلمه تعالى بعدم صدور الإيمان منهم فيستحيل بعده لاستحالة انقلابه جهلا.
وليس في قوله تعالى: ﴿ما سلككم في سقر﴾ (٢) ﴿قالوا لم نك من المصلين﴾ (3) (ولم نك

(١) فلابد من ذكر القرينة معها في الآية ليفيدهم أنها حين توجهها إلى المذمومين كانت مقرونة بتلك القرينة لينقطع به جميع طرق الاعتذار والتشبث بما يأخذونه من الأعذار. (منه عفي عنه).
(٢) المدثر: ٤٢.
(٣) المدثر: ٤٣.
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 90 91 92 93 96 98 99 100 101 104 105 ... » »»