تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ١٠١
والويل بواسطة التكذيب، فان الكفار عندنا معاقبون على الفروع كعقابهم على الأصول; وإن كانوا غيرهم لم يكن اثبات الويل لقوم بسبب تكذيبهم منافيا لذم قوم بتركهم ما أمروا به.
وعن الثاني: بأنه تعالى رتب الذم على مجرد مخالفة الأمر *، فدل على أن الاعتبار به، لا بالقرينة.
____________________
ومن البين أن الاحتمالات البعيدة لا ينافي الظهور، وأنت خبير بأن قضية الظهور إن تمت لقضت باندفاع ما أوردناه من الإشكال بحذافيره، فعلى الناظر في الآية استقصاء النظر في ذلك ليتضح عليه حقيقة الحال وينجلي له حجاب ذلك المقال بعون الله المتعال وحسن توفيقه.
* ووجه ذلك: ظهور أن " الأمر " في إفادته الوجوب لو كان منضما إليه غيره لكان عليه تعالى ذكره معه في الآية ليتأتى به المقصود، ويحصل كمال المطلوب من كون ذلك الذم لاستحقاقهم إياه بالمخالفة، فيكون عدمه دليلا على عدمه ومعه يتم الإستدلال.
ويمكن الاستدلال بوجوه أخر.
أولها: أن تارك المأمور به عاص، وكل عاص متوعد بالعذاب.
أما الصغرى: فلشهادة (١) العرف مضافة إلى قوله: " أمرتك أمرا جازما فعصيتني " وقوله تعالى: ﴿أفعصيت أمري﴾ (٢) ﴿ولا أعصي لك أمرا﴾ (٣) ﴿ولا يعصون الله ما أمرهم﴾ (٤) وأما الكبرى: فلقوله عز من قائل: ﴿ومن يعص الله ورسوله فإن له نار جهنم﴾ (5) بتقريب: أن الموصول مفيد للعموم إما لقضية الوضع أو لتضمنه معنى الشرط، والعذاب ملازم لترك الواجب.
ويرد عليه أولا: منع الصغرى بأن العصيان ضد الطاعة، وهي على ما يساعده العرف إما فعل المأمور به أو فعل المندوب، فالعصيان أيضا بقرينة المقابلة إما ترك المأمور به أو ترك المندوب، وقضية ذلك وجوب تقييد الكبرى بما يوجب خروج ترك المندوب، ومعه يسقط الاستدلال بالآية لعدم كون مفادها حينئذ مما يتنازع فيه.

(١) وفي كلام القوم استناد الصغرى إلى مجرد الآيات وإنما أعرضنا عن تلك الطريقة لتوجه المنع إلى كون مطلق ترك المأمور به عصيانا، على أن الآيات المذكورة في المتن لا يقضي بأزيد من الاستعمال وهو جنس عام فلا يلازم الحقيقة كما لا يخفى. (منه عفي عنه).
(٢) طه: ٩٢.
(٣) الكهف: ٦٩.
(٤) التحريم: ٦.
(٥) الجن: ٢٣.
(١٠١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 96 98 99 100 101 104 105 107 109 110 ... » »»