تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٨٤
(حيث هدد سبحانه مخالف الأمر، والتهديد دليل الوجوب) *.
____________________
وما يقال في دفعه: من صدق " الأمر " لغة وعرفا على الصيغة الصادرة من العالي خالية عن القرائن الدالة على إرادة الوجوب وعدمها، فليس بشيء لابتنائه على توهم كون " الأمر " من مقولة الألفاظ، وقد تقدم منا مرارا ما يقضي بفساد ذلك وإباء كل من العرف واللغة عنه.
نعم، يمكن أن يقال في دفعه: بأن المتبادر من الصيغة الصادرة من العالي إنما هو الأمر فيرجع الكلام حينئذ إلى كون ذلك من حاق اللفظ أو القرائن الخارجة عنه، فيجري فيه ما قررناه مرارا مما يقضي بارتفاع احتمال مدخلية القرائن في نظائر المقام.
وأما ما يقال عليه: بأنه لو سلم دلالتها على حال الصيغة فإنما تفيد وضع الصيغة الصادرة من العالي أو المستعلي أو هما معا دون صيغة " افعل " على الإطلاق كما هو المقصود بالعنوان .
فيدفعه: ما تقدم من الأصل، مضافا إلى أصالة عدم تعدد الوضع بالمعنى العام لاحتمال النقل والاشتراك والارتجال.
* استفادة التهديد من الآية من جهة أن التحذير الذي هو مفاد قوله تعالى: (فليحذر) مرادف للتهديد أو قريب منه وهو ملازم للوجوب، ضرورة أن الندب مأذون في ترك متعلقه فلا يعقل التهديد على مخالفته، وربما يتخيل في بادئ النظر منافاة بين كلامه هذا وحمله الآية - فيما سيأتي - على إيجاب الحذر، نظرا إلى أن التهديد والايجاب واقعان في طرفي النقيض، فكيف يعقل جمعهما في إرادة واحدة.
ولكنها بعد التأمل ترتفع بأنها إنما تتوجه إذا فرض متعلق الأمرين شيئا واحدا والمقام ليس منه، وضوح أن متعلق التهديد إنما هو مخالفة الأمر لما يلزمها من استحقاق إصابة الفتنة أو عذاب أليم، ومتعلق الإيجاب إنما هو الحذر عن تلك المخالفة لكونه ملزوما للحذر عن إصابة أحدهما، فيصح اجتماعهما معا بهذين الاعتبارين، وكأن دلالة اللفظ على الأول من باب الالتزام بعد دلالته على الثاني من باب المطابقة.
نعم، يتوجه إليه أن الالتزام بكون قوله: (فليحذر) إيجابا مما لا حاجة إليه بل لا وجه له أصلا، ضرورة أنه مسوق سياق قوله تعالى: ﴿أطيعوا الله وأطيعوا الرسول﴾ (1) و (لا تعصوا

(٨٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 78 79 80 82 83 84 85 86 87 88 89 ... » »»