تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٤٥

____________________
صاحب تفسير مجمع البيان.
وثانيها: النفي مطلقا، وهو الحق المعروف من المذهب الموافق للأصل.
وثالثها: التفصيل، فالإثبات في الثاني والنفي في الأول وهو أيضا للعامة وقد ينسب إلى بعض علمائنا، ويدعى أن النزاع إنما هو في الايجاب الكلي والسلب الجزئي، فالمثبت مدع للموجبة الكلية والنافي يدعي سلب هذا الكلي لا كلي السلب، إذ الإيجاب الجزئي في كل منهما مما لا خلاف فيه، لاتفاقهم على أن التوبة مكفرة للذنوب وكذلك غيرها من الطاعات في الجملة، كما يشهد به قوله تعالى: ﴿إن الحسنات يذهبن السيئات﴾ (١) المفسرة بالصلاة الخمس في النص.
وعلى أن الشرك موجب لحبط الأعمال كلها، مع ما يقال: من أن الندم عن الحسنة أيضا محبط لها وليس ببعيد.
ثم ينقل الاستدلال على التكفير بالآية المذكورة، بتقريب: ظهور الجمع المحلى باللام في العموم، وعلى الإحباط بما ورد في قضية أم إسماعيل زوجة الصادق (عليه السلام) وكان (عليه السلام) يمشي إلى الكعبة وكان في خدمته أم إسماعيل وجاريته، فنزل (عليه السلام) في منزل من المنازل وقارب مع جاريته فاطلعت أم إسماعيل فقطعت شعر رأس الجارية، فسكت (عليه السلام) حتى رجع إلى هذا المنزل، فقال لأم إسماعيل: هذا المنزل الذي قد أحبط الله فيه عملك (٢).
فيقال: إن ذلك خلاف التحقيق ويستدل بعد الأصل وبناء الطائفة بقوله تعالى: ﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره﴾ (3) بتقريب: أن لها باعتبار المعنى احتمالات أربع:
الأول: من يعمل مثقال ذرة خيرا يرى أجره في الآخرة وهو الثواب، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يرى أجره فيها وهو العقاب، فيكون مفادها مفاد قوله (صلى الله عليه وآله): إن خيرا فخير وإن شرا فشر (4).
والثاني: من يعمل مثقال ذرة خيرا يره في الدنيا لو كان كافرا حتى يتم عليه الحجة، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره في الدنيا لو كان مؤمنا حتى لا يعاقب في الآخرة.
والثالث: من يعمل مثقال ذرة خيرا أو شرا يرى عمله مكتوبا في صحيفة أعماله، فيسر إذا نظر إليها إن كان العمل خيرا ويغم إن كان شرا.

(١) هود: ١١٤.
(٢) الوسائل: كتاب الطهارة - باب ٢٨ من أبواب الجنابة - ح ٤.
(٣) الزلزلة: ٧ و 8.
(4) الوسائل 1: 41، الباب 7 من أبواب مقدمة العبادات، ح 1.
(٢٤٥)
مفاتيح البحث: الجنابة (1)، الطهارة (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 239 241 242 243 244 245 247 248 249 250 251 ... » »»