تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٣٩
إذ يجب حينئذ تعريف الوقت الذي يؤخر إليه. وأما إذا كان ذلك جائزا فلا، لتمكنه من الامتثال بالمبادرة، فلا يلزم التكليف بالمحال.
____________________
كان فلا ريب أن جواز تأخير أداء المأمور به إلى آخر أزمنة الإمكان - المقابل لوجوبه فورا - إما أن يراد به الرخصة في التأخير إلى ذلك الوقت كما هو الظاهر المتبادر منه عند الإطلاق، أو يراد به الجواز في ضمن الوجوب، وعلى كلا التقديرين فلهذه القضية منطوق ومفهوم من باب مفهوم الغاية، غير أن توهم إشكال تكليف المحال في الأول إنما يلزم في جانب المفهوم الذي هو منع التأخير عن آخر أزمنة الإمكان، ضرورة استلزام المفهوم رفع حكم المنطوق ورفع الجواز بالمعنى الأول إنما هو المنع والتحريم، ولما كان الموضوع في المفهوم مقيدا وجهالة القيد تستلزم جهالة المقيد فمن هنا ينشأ توهم الإشكال من جهة أن منع المكلف عما لا يعلمه تكليف له بالمحال على حسب الظاهر.
وفي الثاني إنما يلزم في جانب المنطوق، ضرورة أن التأخير الواجب مقيد بغاية مجهولة، وجهالة الغاية يوجب جهالة المغيى، فيكون من باب إلزام المكلف على ما لا يعلمه وهو تكليف بالمحال.
وأما لزومه في جانب المفهوم حينئذ فيه وجهان مبنيان على كون المراد بالمفهوم هاهنا رفع الإيجاب أو المنع.
وما ذكروه في دفع الاستدلال إنما يجدي على التقدير الثاني، وما قرره المصنف وغيره من الإشكال عند تقرير الاستدلال إنما يقتضي ما يدفع الإشكال على التقدير الأول كما لا يخفى.
ولقد نبهناك على تقرير آخر لبيان ذلك الإشكال واقع في كلام بعض الفضلاء، فما ذكره الجماعة في الجواب إنما يناسب هذا التقرير كما أشرنا إليه، لا ما وقع في كلامهم.
وعلى كل تقدير فما ذكره المصنف بقوله: " وأما إذا كان جائزا فلا، لتمكنه من الامتثال بالمبادرة فلا يلزم التكليف بالمحال " ليس حصرا لطريق الامتثال في المبادرة حتى يكون التزاما بضد المطلوب، بل هو بيان لما هو لم المسألة ولب مفاد الصيغة.
ومحصله: أن قضية إطلاق الصيغة الكاشف عن وقوع المأمور به على جميع الوجوه وصلوحه لجميع الجهات والفروض كون المكلف بالنسبة إليه وإلى جميع جهاته ووجوهه مطلق العنان فله أن يبادر في الامتثال وله أن يؤخر، وفي تأخيره أيضا له أن يقل في
(٢٣٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 234 235 236 237 238 239 241 242 243 244 245 ... » »»