تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٤٨

____________________
وفي بعض الروايات عن أبي جعفر (عليه السلام) " قال: كل ذنب يكفره القتل في سبيل الله عزوجل إلا الدين، فإنه لا كفارة له إلا أدائه، أو يقضى صاحبه، أو يعفو الذي له الحق " (١).
وبالجملة ثبوت المغفرة بفعل الطاعة يقيني في الجملة لا إشكال فيه، بل هو اتفاقي لا خلاف فيه، وكذلك الحبط بمعنى ذهاب الحسنات ببعض السيئات من دون أن يذهب من السيئة شيء، فإن الشرك موجب لذلك إجماعا ولا يقدح فيه ظهور قوله تعالى:
﴿فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره * ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره﴾ (٢) لخروج الآيات الصريحة والأخبار المتواترة والإجماع الضروري مخصصة، فلا وجه لمنع الصغرى بالمرة.
نعم يتجه المنع عن كلية هذه الدعوى - كما في كلام فحول الأجلة - ومعه لا يتم الاستدلال، ولا يجديه ضم عدم القول بالفصل لثبوت القول به جزما، فإن من الأصحاب جماعة يخصصون المكفرية بالتوبة وغيرها من الطاعات في الجملة.
فما قيل: من أن الظاهر من سبب المغفرة هو التوبة لا فعل المأمور به فإنه سبب للثواب لا للمغفرة، فإن أريد به سلب العموم فمرحبا بالوفاق، وإن أريد به عموم السلب فيكفي في رده ما أشرنا إليه من النصوص.
وربما يورد أيضا: بمنع عموم الآية بالقياس إلى كل مأمور إذ رب مأمور لا ذنب له، وأقل مراتبه من كان في أول بلوغه، وليس في الآية ما يقضي بعموم الأسباب حتى تفيد وجوب المسارعة في كل أمر يكون.
وقد يجاب عنه: بعدم القول بالفصل، وقد يقال: بأنه لو قرر الاستدلال بقوله تعالى:
﴿وجنة عرضها كعرض السماء والأرض﴾ (٣) لاندفع الإشكالان معا، لأن كل واجب سبب للدخول في الجنة كما أن كل مأمور يصلح لذلك، فيعم الآية جميع الأسباب وكل المأمورين.
وربما يقال في دفع الإشكال الأول أيضا: بأن المغفرة في الآية نكرة قد وصفت بصفة جنسها وهو من موجبات العموم، كما نصوا عليه في قوله تعالى: ﴿وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه﴾ (4) فتشمل جميع الأسباب. وبه يندفع ما قيل أيضا: من أنه لا يفيد إلا وجوب المسارعة إلى السبب في الجملة، فإذا تعدد الأسباب - كما في محل البحث نظرا

(١) الوسائل ١٣: ٨٣، الباب ٤ من أبواب الدين والقرض، ح ١.
(٢) الزلزلة: ٦ و ٧.
(٣) الحديد: ٢١.
(٤) الأنعام: ٣٨.
(٢٤٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 242 243 244 245 247 248 249 250 251 252 253 ... » »»