تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٤٢

____________________
والجهل به لا توافق الأصول الشرعية ولا القواعد العدلية، ولا ينطبق عليها شيء مما مر في توجيه الاستحقاق للعقاب بترك الواجب المأخوذ في تعريفه.
بل لما أشرنا إليه من أن ما ذكره المصنف وغيره في دفع الإشكال ليس حصرا لطريق الامتثال في المبادرة، حتى يرد عليه: أنه التزام بوجوب الفور لتحصيل البراءة للذمة في مقام العمل، وإنما هو أخذ بموجب إطلاق اللفظ، ولا يكون جواز التأخير مشروطا بمعرفة لا يمكن تلك المعرفة كما توهمه وإنما هو مشروط بإطلاق الأمر وهو حاصل في المقام، بل العلم بجواز التأخير أيضا غير مشروط بتلك المعرفة كما زعمه المعترض، بل هو موقوف على التفطن بذلك الإطلاق وثبوته.
بل لنا أن نقول: إن جواز التأخير عن زمان لا يتوقف على عدم كونه آخر أزمنة الإمكان كما ذكره بعض الأعلام في توجيه كلام المعترض، حيث نقل بالمعنى بعد إيراد كلام المورد كذلك، بل هو موقوف على ما ذكر من الإطلاق.
غاية الأمر أن التأخير قد يتفق في غير آخر أزمنة الإمكان، وقد يتفق في آخرها، والجواز ثابت في الجميع حسبما فصلناه في المقام.
ومما قررنا ينقدح أيضا: أن ما ذكره ذلك الفاضل في آخر كلامه في توجيه كلام المعترض من أن الجواز في نفس الأمر لا يتوقف على العلم بالجواز بل يكفي فيه عدم العلم بالمنع على ما يقتضيه أصالة الإباحة، ليس على ما ينبغي.
فإن التعويل على أصالة الإباحة في نفي المنع الشرعي إنما يسوغ في موضع فقدان الدليل من إطلاق أو عموم أو نحوهما والمقام ليس منه، مع أن الأصل المذكور لا يوجب إلا الجواز الظاهري، وكلام القوم إنما هو في الجواز بحسب الواقع.
ويرد على الاستدلال أيضا - على فرض صحته -: كونه أخص من المدعى، إذ لا يقضي بثبوت الفورية إلا فيما إذا لم يكن المكلف عالما بآخر أزمنة الإمكان، وأما مع العلم به بالإلهام أو الإخبار من مخبر صادق وغيره فلا، مع أن المدعى إثبات الفور مطلقا بالنسبة إلى جميع آحاد المكلفين، إلا أن يتشبث بعدم القول بالفصل، فتأمل (1).
ومع الغض عن جميع ما ذكر نقول: بأن الوجه المذكور إنما ينهض قرينة كاشفة عن

(1) وجهه: إمكان القلب مع كون الإجماع تقييديا من جهة أن الفورية في غير العالم حينئذ غيرية وفي العالم نفسية كذا قيل فتأمل. (منه عفي عنه).
(٢٤٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 236 237 238 239 241 242 243 244 245 247 248 ... » »»