تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٥٩
التجوز به عن أحدها، فيقصد بالاستفهام رفع الاحتمال. ولهذا يحسن فيما نحن فيه أن يجاب بالتخيير بين الأمرين، حيث يراد المفهوم من حيث هو، من دون أن يكون فيه خروج عن مدلول اللفظ. ولو كان موضوعا لكل واحد منهما بخصوصه، لكان في إرادة التخيير بينهما منه خروج عن ظاهر اللفظ وارتكاب للتجوز، ومن المعلوم خلافه.
____________________
استعماله في كل واحد من أفراده ولو مجازا بحكم الضرورة والعرف والعادة فاحتمل عند المخاطب تعلق الإرادة بخصوص بعضها مجازا، وقد أخفى المتكلم قرينة التجوز لحكمة، فيحسن له الاستفهام عقلا وعرفا لرفع ذلك الاحتمال والتفصي عن الأخذ بما يخالف المراد، بل هو موافق للاحتياط في مواضع التكليف فيحسن شرعا أيضا.
لا يقال: إذا علم المخاطب بوضع اللفظ للأعم يعلم لا محالة بحصول البراءة للذمة بأداء أي فرد شاء، ومعه لا حاجة له إلى الاستفهام بل ربما يعد غير مستحسن، فلابد أن يكون الاستفهام لنكتة ولا تكون إلا تردد اللفظ وإجماله كما هو شأن المشتركات اللفظية، لأن ما يقتضيه الوضع للأعم عند فقد القرينة إنما هو التخيير والتجوز بإرادة الفرد يوجب التعيين، وبينهما فرق واضح من حيث الأحكام والآثار، فقد تمس الحاجة إلى الاستفهام لقيام احتمال قصد التعيين بإرادة الفرد مجازا تخلصا عن الخطأ والوقوع في الاشتباه.
وفي كلام بعض الأعاظم حكاية الاستدلال لهذا القول بالتقييد بأحدهما كأن يقول:
" افعل الساعة " أو " متى شئت " وجوابه: أنه غير مناف لما اخترناه، بل هو في نظر العرف من أمارات التواطي فلذا احتج به موافقونا أيضا.
ثم إن القوم لم يتعرضوا لذكر حجج القول بالتراخي إلا بعض الأعاظم فنقل له وجوها:
أولها: أن المطلق لا توقيت فيه فلو أراد به وقتا معينا لبينه، فإذا فقدنا البيان علمنا أن الأوقات متساوية في إيقاعه.
وثانيها: أن قول القائل: " اضرب زيدا " إنما يقتضي أمره له بأن يصير ضاربا من غير تعيين، فليس بعض الأوقات أولى من أخر.
وثالثها: القياس بالخبر المنبئ عن الاستقبال، فإذا قيل: " فلان سيفعل " لا ينبئ عن أقرب الأوقات، فكذلك الأمر.
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 252 253 256 257 258 259 261 262 263 264 265 ... » »»