تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٥١
وأجيب: بأن ذلك محمول على أفضلية المسارعة والاستباق، لا على وجوبهما، وإلا لوجب الفور، فلا يتحقق المسارعة والاستباق؛ لأنهما إنما يتصوران في الموسع دون المضيق، ألا ترى أنه لا يقال لمن قيل له " صم غدا " فصام: " إنه سارع إليه واستبق ". والحاصل: أن العرف قاض بأن الإتيان بالمأمور به في الوقت الذي لا يجوز تأخيره عنه لا يسمى مسارعة واستباقا؛ فلابد من حمل الأمر في الآيتين على الندب، وإلا لكان مفاد الصيغة فيهما منافيا لما تقتضيه المادة *.
____________________
* وتوضيح ذلك: أن الصيغة على تقدير إرادة الوجوب عنها مقتضية للتضييق، والمادة بشهادة العرف والاستعمال مقتضية للتوسعة، وهما متنافيان وحمل الآيتين عليهما غير جائز، فلابد من حملهما على الندب.
وأورد عليه: بأن الأمر على تقدير كونه لوجوب الفور كان مفاده حصول العصيان والإثم بالتأخير لا عدم الصحة في الزمان المتأخر، ومقتضى المسارعة ليس إلا الصحة في الزمان المتأخر لا عدم الإثم، فلا منافاة بين المادة والصيغة حينئذ، لجواز الصحة مع الإثم على التأخير كما في الحج، فيكون معنى الآية: أن ما يصح فعله في الزمان المتأخر يجب فعله على الفور.
وأوضح منه ما في كلام بعض الأفاضل: " من أن الزمان قد يؤخذ في الفعل على وجه لا يتصور الإتيان به في غير ذلك الزمان، كما في " صم يوم الجمعة " نظرا إلى أنه لا يعقل إيقاع ذلك الواجب في غير ذلك الزمان.
وقد يؤخذ شرطا لصحته من غير أن يؤخذ جزء لمفهومه، فيمكن تأخير الفعل عن ذلك الزمان إلا أنه لا يتصف حينئذ بالصحة.
وقد يكون إيقاعه فيه واجبا موجبا لحرمة تأخيره عنه إلا أنه لا يفوت الواجب بفواته، فيكون نفس الفعل واجبا مطلقا [وخص إيقاعه في ذلك الوقت واجبا] (1) وقد يكون على وجه الرجحان.

(1) أضفناه من هداية المسترشدين.
(٢٥١)
مفاتيح البحث: الجواز (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 245 247 248 249 250 251 252 253 256 257 258 ... » »»