تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٣٥
الأول: أن السيد إذا قال لعبده: اسقني *؛ فأخر العبد السقي من غير عذر، عد عاصيا، وذلك معلوم من العرف. ولولا إفادته الفور، لم يعد عاصيا.
وأجيب عنه: بأن ذلك إنما يفهم بالقرينة؛ لأن العادة قاضية بأن طلب السقي إنما يكون عند الحاجة إليه عاجلا * *، ومحل النزاع ما تكون الصيغة فيه مجردة.
الثاني: أنه تعالى ذم إبليس لعنه الله، على ترك السجود لآدم (عليه السلام)، بقوله
____________________
* وربما يضاف إلى الوجه المذكور في تقرير التبادر ما عن السكاكي من أنه قال:
" حق الأمر الفور، لأنه المتبادر الظاهر من الطلب عند الإطلاق كما في الاستفهام والنداء، فلو أمر بالقيام بعد الأمر بالاضطجاع لكان المفهوم منه نسخ الأمر الأول، ولو كان للماهية لما كان كذلك ".
والجواب عن الأول: ما ذكره المصنف.
وأما عن الثاني فأجيب: بأن فهم النسخ - لو سلم - لا يستلزم الفورية وهو ظاهر، لأن الأمر الصادر عقيب أمر آخر مناقض له مع ظهوره في الدوام، وتمكن المكلف من الامتثال بالأمر الأول ظاهر في كونه ناسخا للأول، سواء قلنا بأن الأمر للفور أو التراخي، مع أنه يمكن أن يقال: بعدم تحقق النسخ في الواجبات الفورية المطلقة لأنها - على التحقيق - يرجع إلى الموقتات المضيقة، وبعد انقضاء الوقت لا يعقل النسخ، وكذلك قبل انقضائه إذا كان وقت الفعل مساويا لأدائه كموضع النزاع على الفرض.
ولا يخفى وهن الوجه الثاني، فإن كون المقام من قبيل الموقت الذي يفوت بفوات وقته فلا يعقل فيه النسخ إنما يستقيم على الأول من معاني الفور المتقدم ذكرها، وأما على البواقي فالنسخ معقول جدا.
وإنما الحاسم لمادة هذا الكلام هو الوجه الأول، فإن فهم النسخ فيما ذكر من المثال لا ينافي شيئا من الماهية والتراخي، بل هو فيهما أظهر منه على الفور، لاحتمال كون الأمر الثاني على هذا التقدير لاحقا بالأمر الأول بعد فوات وقته، نظرا إلى جواز كونه تقييديا كما في الأول من معانيه.
* * وأورد عليه: بأن وجود القرينة - على فرض تسليمه - لا يكفي بمجرده في
(٢٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 230 231 232 233 234 235 236 237 238 239 241 ... » »»