تعليقة على معالم الأصول - السيد علي الموسوي القزويني - ج ٣ - الصفحة ٢٣١

____________________
من الجهات حتى يستند إليه الاختلاف في الإتيانات.
وأقوى شواهد المقام ترديد كل من ألقى إليه الصيغة من الخواص والعوام في الالتزام بالفور أو التراخي مع القرائن وخصوصيات المقام من مجاري العادات وغيرها، فإن وجد ما يقضي بكون المقام من مواضع الفور أثر في الالتزام به فيؤتى بالمأمور به فورا، وإن وجد ما يشهد بأنه من محال التراخي أثر في عدم تجويز المبادرة فيؤتى به تراخيا، وإن فقد كل من ذلك أثر في عدم الالتزام بشيء فيؤتى به حيثما اتفق، وليس ذلك إلا من جهة عدم مدخلية شيء منهما في مفهوم الصيغة وإلا لما حصل الافتقار إلى النظر في الأمور الخارجة عنها كما لا يخفى.
مع أن البناء مستقر على التصريح بما يفيد إرادة الفور أو التراخي في مظان إرادتهما، كما يقال بعد الأمر: " عجل " أو " أريده معجلا " أو " أسرع " أو غيره مما يؤدي مؤدى الفور.
أو يقال: " أخر الإتيان " أو " ما أريده معجلا " أو " لا تسرع " ونحو ذلك مما يفيد مفاد التراخي، فلولا الصيغة قاصرة عن إفادتهما لما حصل الاحتياج إلى ما ذكر.
واحتمال إرادة التأكيد، يدفعه: فهم التأسيس والتنبه على ما لا أفادته الصيغة قبل التصريح بذلك، مع أن الأصل فيما يتقيد بالمتقابلين مع عدم انفهام تكرار ولا تناقض كونه بإزاء القدر الجامع بينهما والمقام من أفراد تلك القاعدة كمالا يخفى، مضافا إلى ما استدل به من أن استعمال الصيغة في القدر المشترك ثابت، وفي كل من الخصوصيتين غير ثابت وإنما الثابت إطلاقه على المقيد بهما، وقضية الأصل كونه حقيقة فيما ثبت استعماله فيه، فإنها قاعدة مسلمة عندنا وقد بسطنا الكلام في إقعادها عند البحث عن أمارات الوضع فارجع إليها.
وربما يقرر الوجه الأول (1) مما تمسكنا به بأنه: لو اقتضاه فإما أن يقتضيه لفظا أو معنى والتالي باطل بقسميه مطلقا.
أما الملازمة فظاهرة، وأما بطلان القسم الأول من التالي فلانتفائه بأقسامه الثلاث، أما المطابقة والتضمن فلأن المتبادر من الصيغة ليس إلا طلب الحقيقة والفور والتراخي خارجان عنه، وأما الالتزام فلأنه لا ملازمة بين طلب الفعل وبين إيقاعه فورا أو متراخيا لا عقلا ولا عرفا، بدليل تقييده بكل منهما من غير تناقض - ولو في الظاهر - ولا تكرار - ولو على

(1) كما في كلام بعض الفضلاء (منه).
(٢٣١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 223 224 227 228 230 231 232 233 234 235 236 ... » »»