المترتبة عليه خاصة وكون الواجب مثلا هو الجملة المعلومة ليس من الأحكام الشرعية المترتبة على عدم اعتبار الشارع للامر المشكوك فيه بل من لوازمه العقلية بعد ثبوت وجوب الواجب والسر في تنزيل تلك الأخبار على ذلك أن نسبة اليقين إلى اليقين بثبوت مورد الاستصحاب كنسبته إلى اليقين بعدم حدوث ما يترتب عليه من لوازمه الشرعية وغيرها فيتناول اللفظ لأحدهما كتناوله للاخر وقضية ذلك جريان الاستصحاب في كل منهما من غير تحكيم لأحدهما على الاخر لكن يستفاد من مورد تلك الأخبار ومساقها كما سيأتي تحكيم الاستصحاب المترتب عليه حكم شرعي أولا على استصحاب عدم ذلك الحكم فيقتصر عليه ويبقى التحكيم في غير ذلك بلا دليل وسيأتي لهذا مزيد بيان في ذيل مبحث الاستصحاب الثاني عموم ما دل على أنه رفع عن هذه الأمة ما لا يعلمون وأن ما حجب الله علمه عن العباد فهو موضوع عنهم إلى غير ذلك من الاخبار التي مر ذكرها و تخصيصها بالحكم التكليفي خروج عما يقتضيه وضع اللفظ من غير دليل وقيام الدليل في بعض الأحكام الوضعية على عدم اشتراطه بالعلم لا ينافي تعميمه إلى الموارد التي لا دليل فيها على ذلك ثم دائرة أصل العدم بحسب هذا الدليل أعني الاخبار أوسع من دائرته بحسب الدليل السابق لجريانه بمقتضى هذا الدليل في مطلق أحكام الوضع حتى الجزئية منها والشرطية والمانعية لان المفهوم من أخبار الباب رفع الحكم المجهول وإثبات ما يترتب عليه من الأحكام الشرعية وغيرها مما يترتب عليه أحكام شرعية عملا بظاهر الاطلاق السالم عما يقتضي صرفه هنا عنه إذ الوجه الذي قررناه في منع إطلاق أخبار الاستصحاب غير متطرق إلى إطلاق هذه الأخبار ولولا ذلك لالتزمنا بالاطلاق هناك أيضا فاتضح مما قررنا أن الأصل المثبت بالمعنى المذكور إن كان استصحابا لم يعتبر وإن كان أصل العدم بالاعتبار الذي ذكرنا كان معتبرا هذا التحقيق ما أدى إليه نظري سابقا والذي أدى إليه نظري لاحقا فساد هذا الوجه فإن الظاهر من أخبار الوضع والرفع وما في معناهما إنما هو وضع المؤاخذة و العقوبة ورفعهما فيدل على رفع الوجوب والتحريم الفعليين في حق الجاهل خاصة دون غيرهما وحملهما على رفع نفس الحكم و تعميمه إلى حكم الوضع مع بعده عن سياق الرواية مناف لما تقرر عند الأصحاب من أن أحكام الوضع لا تدور مدار العلم بل ولا العقل و البلوغ ولهذا تراهم يحكمون في مباحث الفقه بترتب أحكامها الوضعية كالحدث بأنواعه والطهارة والنجاسة والملكية المتعلقة بالعين و المنفعة بأقسامها المقررة والضمان والخيارات والصحة والبطلان إلى غير ذلك مما لا يحصى على الصغير والمجنون والجاهل و الغافل إلا فيما شذ وندر وبالجملة فالذي يظهر ومن اتفاقهم على أن الأصل في أحكام الوضع عمومها للعالم وغيره وأن الخروج عن هذا الأصل في بعض الموارد النادرة إنما هو لدلالة دليل عليه بالخصوص ثم نؤكد الكلام في منع دلالة هذه الأخبار على أصالة عدم الجزئية والشرطية وما في معناها بالنسبة إلى ما شك في اتصافه بذلك بأن مرجع عدم وضع الجزئية والشرطية في الجز والشرط المشكوك فيهما إلى عدم وضع المركب من ذلك الجز والمشروط بذلك الشرط فإن عدم جزئية الجز بمعنى عدم كلية الكلي وعلى قياسه الشرط والمشروط ولا ريب في عدم جريان أصل العدم بالنسبة إلى المركب والمشروط لان أصالة عدم وضع الأكثر في مرتبة أصالة عدم وضع الأقل وأصالة عدم وضع المقيد في مرتبة أصالة عدم وضع المطلق يعارضهما العلم الاجمالي بوضع أحدهما فيسقطان عن درجة الاعتبار فكذا ما يرجع إلى ذلك مما لا يغايره إلا بمجرد المفهوم سلمنا مغايرتهما بغير المفهوم لكن لا خفاء في أن الجزئية والشرطية لا يستدعيان وضعا مغايرا لوضع الكل و المشروط بل هما اعتباران عقليان متفرعان على وضع الكل و المشروط وعدهما من الحكم الشرعي مبني على مراعاة هذا الاعتبار و إلا فليسا عند التحقيق منه فلا ينصرف الوضع والرفع في الاخبار إليهما سلمنا لكن لا ريب في أن الجزئية والشرطية كما ينتزعان من اعتبار الجز في الكل والشرط مع المشروط كذلك ينتزع عدمهما من عدم اعتبارهما فيكون عدمهما أيضا حكما وضعيا ثبوتهما ونسبة عدم العلم إلى كل منهما بالخصوص سواء فلا وجه لترجيح إعمال الأصل بالنسبة إلى أحدهما بالخصوص مع العلم بانتقاض الأصل بالنسبة إلى أحدهما لا على التعيين فسقط الاستدلال بأخبار الوضع والرفع وما في معناهما بقي الاحتجاج برواية من عمل بما علم كفي ما لم يعلم فالوجه في الجواب القدح في دلالته بأن الظاهر مما علم ما علمه من المطلوبات النفسية دون الغيرية والآتيان بما علم من أجزأ العبادة وشرائطها ليس إتيانا بما علم أنه مطلوب نفسي فلا يندرج في عموم الرواية سلمنا لكن معنى ما علم ما علم مطلوبيته لا ما علم جزئيته أو شرطيته ولا ريب في العلم بمطلوبية الجز والشرط المشكوك فيهما من باب المقدمة فلا يندرجان في عموم ما لم يعلم فاتضح مما حققنا أن المستند على حجية أصل العدم في أحكام الوضع منحصر في الاستصحاب وقد بينا عدم مساعدته على جريانه بالنسبة إلى وضع الجزئية والشرطية فالتحقيق أن هو القول بوجوب الاحتياط فيهما حيث لا يقوم دليل على نفيهما وأما أصالة عدم الزيادة حيث يدور الامر بين الأقل والأكثر فيرجع إلى مسألة أصل العدم ويرجع في موارد التكليف إلى أصل البراءة أيضا وأما أصالة عدم تقدم الحادث فيرجع إلى استصحاب العدم السابق في الزمن الذي يشك في حدوثه فيه وإلى هذا يرجع أصالة تأخر الحادث ثم هذه الأصول إنما يعتبر في الأحكام الشرعية بالنسبة إلى
(٣٦٤)