ومنها الجمع في موارد التخيير لتعارض الأدلة حيث يمكن كالجمع بين الظهر والجمعة والقصر والاتمام ومنها إعادة ما يحتمل عدم حصول البراءة بفعله مع قيام دليل معتبر على حصولها به كإعادة من تعمد ترك السورة أو جلسة الاستراحة في صلاته لها مع قراءة السورة أو فعل الجلسة بناء على عدم وجوبهما ولا يعتبر في استحباب الإعادة اشتمال المعاد على جميع ما يحتمل اعتباره في الصحة بل يكفي الصحة الظاهرية مع اشتماله على ما قصد تداركه فلو ترك السورة وجلسة الاستراحة معا في صلاته استحب له إعادتها معهما و مع إحداهما وإن كان الأول أفضل ولو أعادها تارة مع إحداهما وثانيا مع الأخرى وثالثا معهما كان أيضا سائغا إلا أن يستشكل ذلك بما ورد من أنه لا إعادة في إعادة بناء على نفي المشروعية وهو غير واضح لامكان الحمل على نفي الوجوب وبالجملة فالمعتبر في استحباب الاحتياط بالإعادة خلو الفعل المعاد عن نوع الخلل الاحتمالي الذي اشتمل عليه أولا فلو تساويا لم يعقل الاحتياط كما لو انعكس الامر وعلى هذا فقد يتطرق الاشكال إلى الاحتياط عن الميت بإعادة صلاته مع الوصية وبدونها مع عدم العلم بجهة الاحتياط ليحافظ عليها في الإعادة وإلزام النائب بمراعاة جميع جوانب الاحتياط فيها مع ما فيه من الضيق مما لا يساعد عليه العمل المعروف و يمكن التفصي بأن الموصي إنما يوصي بالقضاء الصحيح الواقعي فيصح وصيته لما عنده فيما أوتي به من احتمال عدم مصادفة الواقع و النائب يأتي بما يعتقد أنه الصحيح الواقعي فيصح عمله عنه هذا و يمكن القول باستحباب الاتيان بالصلاة اليومية عن الميت بدون نية القضاء عما في ذمته أيضا كما يظهر من حكاية صفوان وعلى تقديره لا إشكال في الوصية بها مطلقا وفي جواز إعادة الصلاة أيضا لفوات بعض مكملاتها كالاقبال إشكال وربما يستأنس الجواز من فحوى ما دل عليه في بعض الموارد كإعادة المنفرد جماعة والمتيمم عند إصابة الماء الثاني أن يشتبه الحرام بغير الواجب بحيث يعلم دخوله في جملة محصورة بالبيان الذي سبق والحق عدم جريان أصل البراءة هنا أيضا بل يجب التجنب عن الجميع دفعا لخوف الضرر المترتب على فعل البعض المحتمل لكونه هو المحرم فإن قضية عموم النهي ثبوت التحريم حال الاشتباه أيضا فيترتب عليه آثاره على تقدير مصادفته ولبعض المتأخرين في هذا المقام قول بجواز تناول ما لا يزيد على قدر الحرام فلو اشتبه ثوب مملوك ثبوت مغصوب جاز استعمال أحدهما مع التجنب عن الاخر ولو تعددت الثياب وكان أحدها مغصوبا جاز استعمال الجميع ما عدا واحد منها ولو تعدد الثوب المغصوب وجب ترك ما يساويها واستعمال الباقي وربما تعدى بعضهم فأجاز استعمال الجميع لا على وجه الجمع واحتجوا على الجواز بالنقص بصورة عدم الحصر إذ لا يلزم الخصم فيه بالمنع و بعموم قوله كل شئ فيه حرام وحلال فهو لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه فتدعه فإنه بعمومه يتناول المقام وبأن القدر الثابت حرمة تناول ما علم حرمته دون ما لم يعلم فقضية الأصل فيه الإباحة واحتج الأولون على وجوب إبقاء ما يساوي الحرام بأن ارتكابه يوجب العلم بارتكاب الحرام وهو حرام فيحرم مقدمته لان مقدمة الحرام حرام وبأن الحكم بحلية الجميع يوجب الحكم بحلية ما هو حرام قطعا وهو باطل فيتعين الاقتصار على الحكم بحلية ما لا يقطع معه بدخول الحرام والجواب عن حجة الجواز أما عن الوجه الأول فبيان الفرق بين المقامين بلزوم العسر والحرج في التجنب عن غير المحصور فيكون منفيا بما دل على نفيهما عن الشريعة السمحة بخلاف المحصور فيبقى على حكم الأصل وأما ما أورده بعض المعاصرين بأن العسر والحرج قد لا يتحققان في غير المحصور كما إذا لم يكن هناك ما يوجب استعمال البعض وقد يتحققان في المحصور أيضا كما إذا اضطر إلى استعمال البعض منه مع أنهما إنما يقتضيان رفع الاثم دون غيره كالنجاسة ولهذا لو اضطر إلى أكل الميتة لم يرتفع عنه حكم النجاسة فمدفوع بأن العسر والجرح إنما يقتضيان رفع الحكم الذي يترتبان عليه على قدر ترتبهما عليه ففي غير المحصور لما كان ترتبهما على وجوب الاجتناب عنه وما في حكمه كوجوب الاجتناب عن ملاقيه ثابتا على الاطلاق حتى بالنسبة إلى ما يزيد منه على قدر الضرورة لوضوح ترتبهما على تقدير تحديد رفع المنع باندفاعها أيضا لعموم مورده وابتلا عامة الناس به في عامة الأحوال أو أغلبها لزم ارتفاعه على الاطلاق بخلاف المحصور لندرة الاضطرار إليه وعلى تقدير حصوله فدوران رفع المنع فيه مدار رفع العسر والحرج لا يوجب عسرا ولا حرجا ولهذا جاز ثبوت حكمه ويؤيده فحوى بعض الاخبار التي تضمنت الاستشهاد بذلك ولا فرق فيما ذكرناه بين أن يكون الحكم حرمة أو نجاسة أو غيرها وإلى هذا ينظر احتجاج بعض الأصحاب بذلك على طهارة الحديد في مقابلة الأخبار الدالة على نجاستها واعتذار المعاصر المذكور عنه بأنه تأسيس للحكم و دفع لا رفع لحكم ثابت وبينهما فرق واضح غير واضح لان ما يصلح للتأسيس والدفع في مثل المقام يصلح للرفع أيضا سلمنا لكن المقام من باب الدفع لا الرفع حيث يدفع بلزوم العسر والحرج عموم الأدلة الدالة على التحريم لصورة الاشتباه بغير المحصور فلا يجب التجنب لما عرفت من أن مبنى وجوبه على فعلية التحريم المستتبع لخوف الضرر على تقدير ارتكاب البعض فإذا دفعنا عموم التحريم ارتفع الخوف وسقط اعتبار الوجوب وأما عن الثاني فبحمل الرواية على صورة الاشتباه بغير المحصور أو على صورة قيام أمارة شرعية على الحلية كيد المسلم وفعله وربما يؤيد الثاني قوله عليه السلام في رواية أخرى كل شئ هو لك حلال حتى تعلم أنه حرام بعينه فتدعه من قبل نفسك وذلك يكون مثل الثوب عليك قد اشتريته وهو سرقة أو المملوك عندك ولعله حر قد باع
(٣٦١)