نفسه أو خدع فبيع أو قهر أو امرأة تحتك وهي أختك أو رضيعتك و الأشياء كلها على هذا حتى يستبين لك غير ذلك أو تقوم به البينة فإن التشبيه في نفسه وإن لم يقتض التخصيص بالمذكور إلا أنه في المقام بقرينة الحمل يقتضي اختصاص الحكم المذكور عليه قبله بنظائره التي يتضح فيها وجه المشابهة فيخرج عنها محل البحث و مثل هذا التخصيص وإن لم يستلزم تخصيص العام الوارد في مقام آخر لكنه يوجب الريب في عمومه كما لا يخفى مع اعتضاده بالشهرة العظيمة إن لم يكن إجماعا وبالاحتياط المستفاد من العقل والنقل بل أقول قضية ما ذكروه عدم الفرق بين صورة إمكان تعيين الحرام و غيرها ولا بين أنواع الحرام وبطلان هذا في الجملة مما يعرف من ضرورة دين الاسلام بل وضرورة سائر الأديان إذ فتح هذا الباب يؤدي إلى رفع العصمة عن الأموال والفروج والدماء أما على القول الأول ففيما لو تعدد الفاعل أو كرر صور الاشتباه إلى أن صادف المحرم فيجوز لجماعة اجتمعوا على أرغفة مغصوبة إذا وضعوا بينها رغيفا مباحا على وجه حصل الاشتباه بينه وبينها ولو لعارض كالظلمة أن يتناول كل واحد منهم ورغيفا أو دراهم مغصوبة وضعوا فيها درهما مباحا أن يتصرفوا كل واحد منهم في درهم وفيما لو صادفوا امرأة واشتبه على كل واحد منهم كونها زوجته أو أجنبية أن يحل لهم وطؤها على التعاقب مع تخلل العدة إن كانت ذات عدة وإلا فبدونها ولو بطريق الاجتماع بقدر الامكان وإن حرم عليها تمكين نفسها لغير واحد منهم مع تمكنها وعلى هذا فلو عقد اثنان على امرأتين واشتبهت إحداهما بالأخرى جاز لهما أن يختارا واحدة ويستمتعا بها حتى بالوطي مع تخلل العدة حيث يجب وليس لأحدهما منع الاخر وفيما لو صادفوا جماعة من المسلمين فيهم رجل مباح الذم واشتبه بينهم ولو لعارض أن يجوز لكل واحد منهم أن يباشر قتل واحد وكذا لو أراد وطي أجنبية جاز له أن يحدث الاشتباه بينها وبين زوجته ثم يأتي إحداهما فإن صادفها وإلا كرر ذلك إلى أن يصادفها ومثله الكلام في المال والنفس وأما على القول الثاني فيلزم ذلك مطلقا فيجوز لمن كان له زوجة في دار أو بلد أن يطأ كل امرأة يصادفها فيها ما لم يعلم أنها غيرها ولمن فقد مالا أن يأخذ كل ما يجده مما يحتمل أن يكون ما له ما لم يقم أمارة شرعية على خلافه وأن يحل لواحد قتل جماعة بمجرد وجود شخص مباح الدم بينهم وأما الفرق في ذلك بين الأموال والفروج والدماء كما وقع من البعض فناشئ عن قصور النظر وقلة التدبر فإن الشارع كما يريد حفظ دماء المسلمين كذلك يريد حفظ أعراضهم وأموالهم وإن كان الحكم في البعض آكد فإن ذلك لا يصلح فارقا لتحقيق مثله في الأموال أيضا وبالجملة ففساد ذلك أجلى من أن يحتاج إلى بيان إلا أن فساد بعض فروعه ربما يشتمل على نوع خفاء في بادي النظر ومنه سرى الوهم وأما عن الثالث فبما سبق تحقيقه من الحجة على القول المختار ولا نطيل بإعادته وأما حجتهم على وجوب إبقاء ما يساوي الحرام ففسادها في غاية الوضوح لان ما ذكروه أولا من أن تحصيل العلم بالحرام حرام مما لا يساعد عليه عقل ولا نقل ولو تم ذلك لحرم على من نسي معاصيه أن يراجع ما يفيده تذكرها وتخصيص ذلك بالعلم الابتدائي مجازفة بينة على أنه إن أريد بالحرام الحرام الواقعي فتحصيل العلم به بعد وقوعه على وجه لا ينافي حليته في الظاهر حال الوقوع مما لا غبار عليه كما لو اشترى أحد مالا وتصرف فيه ثم بعد ذلك تفحص فعلم بكونه مغصوبا فإنه لا يكون غاصبا بذلك و إن علم أو ظن حال الفحص بأدائه إلى العلم بالغصبية وإن أريد به الحرام الظاهري فممنوع إذ الفرض توقف العلم بحرمته في الظاهر على العلم بالتعيين وهو منفي حال الاشتباه وأما منع المقدمة الثانية أعني حرمة مقدمة الحرام فغير سديد لان المقدمة إذا كانت سببا كما في المقام حرمت بحرمة سببها على ما مر تحقيقه سابقا وما ذكروه ثانيا من أن الحكم بحلية الجميع يوجب الحكم بحلية الحرام مدفوع بأن الحاكم بحليته لا يحكم بحليته مجتمعا بل على التدريج و هذا وإن استلزم الحكم بحلية الحرام إلا أن القول الاخر مشارك له في هذه المفسدة فإن قولهم بحلية كل واحد على البدلية حكم بحلية الحرام أيضا لان من جملة تلك الآحاد ما هو حرام قطعا فإن اعتذر بأن الجهالة تفيد حليته في الظاهر توجه الاعتذار به على القول الاخر أيضا والفرق تحكم بين فإن قلت جواز فعل الجميع يستلزم جواز العزم عليه لأنه عزم على جائز فيكون جائزا لا محالة لكن العزم على فعل الجميع غير جائز لأنه عزم على فعل المحرم ولو في ضمن الجميع مع مصادفة فعله فيكون حراما قلت العزم على الجميع على الوجه المذكور عزم على الحال إذ الحرمة الواقعية في البعض شأنية لا أثر لها في الظاهر بناء على ما مر على أن ارتكاب الجميع لا يتوقف على العزم على الجميع ابتدأ لجواز حدوث العزم على البعض الباقي بعد ارتكاب البعض المساوي للحرام واعلم أنه حكي عن بعض الأصحاب أنه تخلص في الشبهة المحصورة بالقرعة لما ورد من أنها لكل أمر مشكل ولورود الامر بها في بعض الموارد كالشاة المنزو عليها المشتبه بغيرها في قطيع من الغنم والجواب أن عمومات القرعة موهونة بإعراض الأصحاب عنها بالنسبة إلى أكثر مواردها فهي بذلك أشبه شئ بالمجملات لا يجوز التعويل عليها إلا حيث يساعدها أمارة يرفع الوهن المذكور عنها فلا سبيل إلى جعلها أصلا وقاعدة واعتبارها في بعض الموارد لا يوجب التعدي لبطلان القياس عندنا الثالث أن يشتبه الواجب أو الحرام بغيرهما حيث يتعذر التمييز ولا يعلم دخوله في محصور عرفا ولا عادة ولا ريب في سقوطه لأدائه إلى العسر والحرج مع عدم مساعدة إطلاق الخطاب أو عمومه على شموله لمثل تلك الصورة وقد مر التنبيه على ذلك الرابع أن يشتبه الواجب بالحرام مع الانحصار والمراد به الحرام لا من جهة التشريع ولا ريب
(٣٦٢)